إنقاذ 24 بحارًا بعد غرق مركب “أبو الهناء” قبالة ميناء الداخلة (فيديو)

في حادثة مروعة، غرق مركب الصيد الساحلي “أبو الهناء” قبالة ميناء الداخلة الجزيرة، ليلة الثلاثاء، رغم الظروف البحرية الهادئة التي كانت سائدة. الحادث لم يكن نتيجة لعاصفة أو أمواج عاتية، بل كان بسبب تحميل المركب حمولة زائدة من الأسماك، ما أدى إلى تسرب المياه بسرعة ودون قدرة على السيطرة. وبينما كانت الأمواج هادئة والطقس مستقراً، فإن الحادث يبرز المفارقة بين الظروف المثالية والخطر الذي قد يترتب على عدم مراعاة معايير السلامة.
خلال الأيام السابقة للحادث، كان المركب من بين “المحظوظين” في تحقيق حصيلة وافرة من الأسماك، ما دفع الطاقم إلى رفع كل ما وقع في الشباك دون تردد. إلا أن الحمولة المفرطة التي تم جمعها تجاوزت قدرة المركب على التحمل، مما أدى إلى الضغط على هيكله وأثر على قدرة المصافي (الكريبينات) التي تعمل على تصريف المياه. انسداد هذه المصافي بالأوساخ والأوحال جعل عملية تصريف المياه مستحيلة، ما ساهم بشكل كبير في سرعة تسرب المياه داخل المركب.
ورغم هذه الظروف المأساوية، نجحت فرق الإنقاذ البحري في إنقاذ جميع أفراد الطاقم البالغ عددهم 24 فرداً. وكانت الاستجابة السريعة من فرق الإنقاذ هي السبب الرئيسي في إنقاذ حياة البحارة، حيث تمكنت الوحدات المعنية من التدخل فوراً في اللحظات الحرجة، رغم أن المركب كان قد بدأ في الميلان وانقلبت مؤخرًا الجهة الأمامية له (البروة)، ما جعل المياه تتسرب بشكل أسرع.
الحادث يسلط الضوء على التحديات التي يواجهها البحارة أثناء رحلات الصيد، خاصة عندما تتجاوز الحمولة المتوقعة للحدود الآمنة، وأهمية الحفاظ على معايير السلامة بشكل دائم. ولكن، ما يستحق الإشادة هنا هو التنسيق والتكامل بين فرق الإنقاذ البحرية، والتي أثبتت جاهزيتها وكفاءتها في التصرف في مثل هذه الحالات الطارئة. وقد أظهرت فرق الإنقاذ احترافية عالية في التعامل مع الحادث، حيث تم تأمين البحارة وإخراجهم من المركب بشكل آمن دون تسجيل أي إصابات خطيرة.
هذا الحادث يعيد فتح النقاش حول الحاجة الماسة إلى مراقبة وتفقد حالة المراكب بشكل دوري، خاصة المراكب القديمة التي قد تكون عرضة للأعطال بسبب تراكم الأوساخ داخل المصافي أو ضعف في البنية الهيكلية نتيجة التقادم. إن تأخير عمليات الصيانة يشكل خطراً حقيقياً على سلامة البحارة والمراكب. ولذلك، يجب على الجهات المعنية بالصيد البحري، وكتابة الدولة المكلفة، العمل على ضمان تطبيق الصيانة الدورية للمراكب، مما يساهم في تقليص احتمالية وقوع مثل هذه الحوادث.
علاوة على ذلك، يشير الحادث إلى ضرورة تفعيل المزيد من إجراءات السلامة على مستوى مراكب الصيد، ويجب أن يتم ربط استمرار نشاط هذه المراكب بمراقبة دقيقة من حيث الصيانة الفنية ومعايير السلامة البحرية. ولعل أهم ما يبرز هنا هو أهمية عدم الاستهانة بتقدير الحمولة المقررة للمركب، حيث يمكن أن تؤدي الوفرة إلى مغامرة غير محسوبة قد تضر بالمركب وطاقمه.
ختامًا، الحادث يوضح أنه مهما كانت الأجواء هادئة، يجب على الجميع مراعاة معايير السلامة، لأن البحر لا يرحم التهاون، والصيد ليس مجرد سباق نحو الكميات، بل هو نشاط يتطلب انضباطًا جماعيًا وحرصًا على الأرواح أولاً، ثم الثروة البحرية ثانيًا. ويبقى دور فرق الإنقاذ البحرية أساسيًا في ضمان سلامة الأرواح وحماية المراكب، مما يتطلب استثمارات مستمرة في تدريب فرق الإنقاذ وتطوير معداتها لضمان التصرف السريع في مثل هذه الحوادث.
تعليقات