آخر الأخبار

وزيرة المالية: أسعار المحروقات تحت الرصد اليومي.. وخبير لـ”مغرب تايمز”: الحكومة عاجزة عن ضبط الأسعار

أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، أن أسعار المحروقات في السوق المغربية تخضع للرصد اليومي، مشيرة إلى أن الحكومة تراقب تطورات الأسعار المحلية والدولية لضمان التوافق مع اتجاهات السوق العالمية، دون المساس بحرية الفاعلين في القطاع. جاء هذا في رد الوزيرة على سؤال كتابي من النائب إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، يوم الاثنين. لكن هذه التصريحات لم تُقنع العديد من المتابعين، خاصة مع الأرقام التي كشف عنها الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، الذي انتقد ارتفاع الأسعار بشكل غير مبرر في السوق المغربية مقارنة بالأسواق العالمية.

الوزيرة أوضحت أن التسعير المحلي يعتمد على أسعار المواد المكررة وليس النفط الخام، مما يعني أن تأثير التغيرات في أسعار النفط يظهر بعد عدة أسابيع. وأضافت أن الأسعار المطبقة في الأشهر الأخيرة أظهرت توافقًا نسبيًا مع الأسواق الدولية، رغم وجود تفاوتات بسيطة بين شركات التوزيع ونقاط البيع. لكنها لم تشر إلى أن هذا التوافق النسبي قد يكون بعيدًا عن الحقيقة عند مقارنة الأسعار في المغرب مع الأسعار العالمية.

وفي المقابل، كشف اليماني عن فوارق صادمة بين الأسعار العالمية والمحلية. وأوضح أن متوسط سعر لتر الغازوال في الأسواق الدولية لم يتجاوز 5.35 درهم خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، بينما تم بيعه في المحطات المغربية بمتوسط يقترب من 11 درهمًا، أي بفارق صادم قدره 5.65 درهم للتر الواحد. وأشار اليماني إلى أن هذا الفارق الكبير في الأسعار ليس مبررًا، حيث تتقاسمه الضرائب وأرباح الشركات العاملة في هذا القطاع.

ورغم تراجع أسعار الغازوال والبنزين عالميًا، لم يظهر هذا التراجع بشكل ملحوظ في الأسعار المحلية، مما يثير تساؤلات حول أسباب هذه الزيادات المستمرة في أسعار المحروقات في المغرب. وكشف اليماني أيضًا أن الأسعار كانت لتبقى ضمن نطاق معقول لو لم يتم تحريرها في 2016، حيث كان من الممكن أن لا يتجاوز سعر لتر الغازوال 9.37 درهم ولسعر البنزين 10.64 درهم في النصف الأول من شهر دجنبر الجاري.

وأشار اليماني إلى أن هذه الفوارق الكبيرة أسهمت في تراكم أرباح ضخمة لشركات المحروقات، حيث قدّرت هذه الأرباح بـ 8 مليارات درهم منذ بداية العام حتى نهاية أغسطس الماضي. كما أضاف أن إجمالي الأرباح الفاحشة لهذه الشركات، منذ تطبيق قرار تحرير الأسعار في 2016، قد تجاوزت 88.8 مليار درهم، وهو مبلغ يفوق ميزانيات بعض الوزارات الحكومية مجتمعة. وهذا الأمر يطرح إشكالية كبيرة حول شفافية آليات التسعير في السوق المغربي.

التأثيرات السلبية لهذا الوضع لا تقتصر فقط على استنزاف جيوب المواطنين، بل تمتد إلى تأثيرات أكبر على الاقتصاد الوطني. فقد ساهمت هذه السياسة في إغلاق المصفاة المغربية للبترول، مما أدى إلى تعزيز التبعية لاستيراد المحروقات، وبالتالي تعميق العجز التجاري. كما ارتفعت تكاليف الإنتاج في جميع القطاعات الاقتصادية، مما أثر سلبًا على القدرة التنافسية للمنتجات المغربية في الأسواق الدولية.

وفي ضوء هذه المعطيات، أشار اليماني إلى أن الوقت قد حان لمراجعة شاملة لقرار تحرير الأسعار، مشددًا على ضرورة إعادة تشغيل المصفاة المغربية للبترول كخيار استراتيجي لتعزيز الأمن الطاقي الوطني وتقليل التبعية لاستيراد المحروقات. وأضاف أن هذه المراجعة ضرورية في وقت يشهد فيه العالم توترات جيوسياسية تهدد سلاسل الإمداد العالمية للطاقة.

من جانبها، أكدت الحكومة أنها تتابع الوضع عن كثب من خلال آلية متابعة يومية للأسعار، بما في ذلك تقارير ربع سنوية من مجلس المنافسة. وأشارت الوزيرة إلى أن الحكومة تتخذ مجموعة من الإجراءات القصيرة والمتوسطة المدى لتخفيف تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على القدرة الشرائية، مثل تقديم دعم مباشر لقطاع النقل وتنظيم المنصات الإلكترونية للإعلان عن الأسعار.

وفيما يتعلق بالاستراتيجيات المستقبلية، أكدت الوزيرة على أهمية تطوير مخزون استراتيجي للطاقة لمواجهة الأزمات، وتشجيع الاستثمار في قدرات التخزين، إضافة إلى دعم مشاريع الطاقات البديلة مثل الهيدروجين الأخضر.

إذن، يبقى السؤال الأبرز: هل تسهم هذه السياسات في حماية القدرة الشرائية للمواطنين؟ أم أن الوضع الراهن يضر بالمستهلك المغربي أكثر مما ينفعه؟

المقال التالي