إقليم تارودانت يختنق صحياً.. مستوصفات بلا أطباء ومستشفى إقليمي مغلوب عن أمره

يعيش إقليم تارودانت، الذي يُعتبر واحدًا من أكبر الأقاليم المغربية من حيث المساحة وعدد الجماعات القروية التي يضمها، أزمة صحية متفاقمة باتت تؤرق الساكنة وتكشف عن هشاشة المنظومة الصحية محليًا؛ فرغم توفر معظم الجماعات على مستوصفات محلية، بعضها مجهّز بتجهيزات طبية أساسية، إلا أن غياب الأطباء والأطر الصحية يجعل هذه المؤسسات شبه معطلة، لتظل مجرد بنايات فارغة لا تلبي حاجيات المواطنين.
هذا الوضع يدفع مرضى القرى والمناطق الجبلية إلى قطع مسافات طويلة، تصل أحيانًا إلى مئات الكيلومترات، قصد الوصول إلى المستشفى الإقليمي المختار السوسي بمدينة تارودانت، باعتباره الوجهة الوحيدة للاستشفاء؛ غير أن هذا المستشفى بدوره يعيش تحت ضغط متزايد، إذ يعاني من خصاص مهول في الموارد البشرية ومن أطباء اختصاصيين في عدد من التخصصات، فضلًا عن غياب بعض الأجهزة الخاصة بالتحاليل والفحوصات الدقيقة، ما يفاقم معاناة المرضى ويضطرهم في أحيان كثيرة إلى التنقل نحو مراكش أو أكادير بحثًا عن العلاج.
وتثير هذه الوضعية تساؤلات حارقة لدى متتبعي الشأن المحلي، الذين يرون أن بناء وتجهيز المستشفيات يفقد معناه أمام غياب الطواقم الطبية القادرة على تشغيلها وضمان خدمات صحية لائقة؛ كما يتساءلون عن جدوى البرامج الحكومية التي رُوّج لها باعتبارها ستُحدث ثورة في قطاع الصحة، في ظل استمرار الأزمات نفسها بعد أكثر من أربع سنوات على تنصيب حكومة عزيز أخنوش.
أصوات المجتمع المدني بالإقليم لم تخفِ استياءها من هذا الوضع، حيث اعتبرت أن ساكنة إقليم تارودانت تعيش “حالة تهميش ممنهج” في ما يخص الحق في الصحة، وهو حق يكفله الدستور؛ فبين المستوصفات المعطلة والمستشفى الإقليمي المرهق بالضغط، يجد المواطن نفسه أمام رحلة شاقة بحثًا عن أبسط الخدمات الطبية، في وقت يفترض فيه أن ورش إصلاح المنظومة الصحية الوطنية قد دخل حيز التنفيذ.
ويبقى السؤال المطروح بإلحاح: هل تملك الحكومة تصورًا عمليًا لإعادة الثقة إلى قطاع الصحة بالإقليم عبر توفير الموارد البشرية اللازمة، أم أن الأزمة ستظل تراوح مكانها لتعمّق معاناة مئات الآلاف من المواطنين الذين لا يطلبون سوى حقهم المشروع في العلاج؟
تعليقات