خبير لـ”مغرب تايمز”: التصعيد الإسباني في سبتة ومليلية ردّ على فقدان النفوذ وتعزيز التحالف المغربي-الأمريكي

في وقت تشهد فيه منطقة البحر الأبيض المتوسط تحولات جيوسياسية كبرى، تتصاعد حدة التوتر حول سبتة ومليلية في مشهد يعكس صراع النفوذ الإقليمي والدولي. ومع اقتراب زيارة لجنة برلمانية تابعة لحلف الناتو إلى مليلية المحتلة في شتنبر 2025، تطلق إسبانيا واحدة من أكبر التحركات العسكرية في المنطقة منذ سنوات، في خطوة يرى الخبراء أنها تعكس مخاوف عميقة من تزايد النفوذ المغربي وتحالفه الاستراتيجي مع واشنطن.
وتأتي هذه الزيارة في وقت تشهد فيه المدينتان المحتلتان تصعيدًا عسكريًا غير مسبوق. الزيارة، التي سيشارك فيها أكثر من خمسين نائبًا من مختلف الدول، تتزامن مع استمرار إسبانيا في تعزيز وجودها العسكري في المنطقة، بهدف تأكيد سيطرتها على المدينتين في مواجهة التحديات الجيوسياسية المتزايدة.
في تصريح خص به موقع “مغرب تايمز”، أشار الدكتور محمد شقير، الباحث في العلوم السياسية، إلى أن “الإنزال العسكري الإسباني يأتي في ذكرى النزول العسكري الإسباني في الحسيمة سنة 1925، بعد الانتصار على مقاومة عبد الكريم الخطابي. فقد شهدت تلك الفترة استعراضًا عسكريًا شاركت فيه فيالق من مختلف الأسلحة، بما في ذلك تلك المتواجدة في مليلية وسبتة. ومع ذلك، يثير هذا الاحتفال العسكري مخاوف كبيرة لدى السلطات الإسبانية، خاصة في الأوساط العسكرية، من التحالف العسكري المغربي-الأمريكي الذي أسفر عن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، ورغبة إدارة ترامب في تسوية نهائية لملف الصحراء.”
تسهم هذه التطورات في تقوية موقف المغرب في الملف الإقليمي، مما قد يسمح له بالتركيز على الملف الإسباني وفتح ملف المدينتين المحتلتين. وتكشف الاستخبارات الإسبانية عن تفاهم أمريكي مغربي بشأن الاعتراف بالسيادة المغربية على المدينتين، في وقت اتخذ فيه المغرب العديد من الإجراءات الاستراتيجية، مثل حصار المعبر البحري والتجاري في سبتة، وبناء ميناء جديد في الناظور، وإنشاء قاعدة بحرية في القصر الصغير. هذه التحركات تشير إلى أن المغرب يكتسب أهمية متزايدة في الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة.
وأضاف المتحدث أن “هذه الإجراءات تأتي في إطار تغيرات دولية تؤكد على دور المغرب المتزايد في الاستراتيجية الأمريكية، في الوقت الذي تراجعت فيه قدرة إسبانيا على التأثير في هذه الاستراتيجية. وقد انعكس هذا التراجع بشكل جلي في التوتر السياسي القائم بين حكومة سانشيز وإدارة ترامب، ما دفع السلطات الإسبانية إلى التأكيد على وجودها العسكري في مليلية وسبتة، سواء من خلال المناورات العسكرية البحرية أو من خلال الإنزالات العسكرية، مثل الإنزال الأخير في سبتة.”
يعد التصعيد الإسباني في سبتة ومليلية، الذي يتزامن مع زيارة لجنة برلمانية لحلف الناتو، بمثابة رد فعل على التحديات الجيوسياسية المتزايدة في المنطقة. في الوقت الذي يعزز فيه المغرب تحالفه الاستراتيجي مع الولايات المتحدة ويعزز من سيادته على الأراضي المتنازع عليها، تظل هذه التحركات العسكرية الإسبانية مؤشرًا على الصراع المستمر على النفوذ في البحر الأبيض المتوسط. ومع تزايد الأهمية الاستراتيجية للمغرب، يبقى السؤال الأبرز: كيف سيواجه المغرب هذه التحولات المستقبلية في ظل تغيرات الوضع الأمني الإقليمي والدولي؟
تعليقات