آخر الأخبار

تقرير علمي دولي يحذّر من تراكم “عناصر سامة في السردين والأنشوفة والماكرو” الموجهة للاستهلاك المحلي

حذّر تقرير علمي منشور في مجلة Marine Pollution Bulletin، من مخاطر مرتبطة بجودة بعض الأصناف السمكية على السواحل المغربية، بعدما أظهرت نتائج بحث ميداني أن خليج بطّويا في إقليم الناظور يشهد تراكم عناصر سامة محتملة داخل أنواع بحرية واسعة الاستهلاك. الدراسة ركزت على ثلاثة أصناف معروفة لدى المستهلك المغربي وهي السردين والأنشوفة والماكرو، وجُمعت عينات منها خلال موسمي الشتاء والصيف لمقارنة مستويات التلوث عبر الفصول.

خلصت النتائج إلى أن الكبد هو العضو الأكثر تلوثاً مقارنة بالعضلات والخياشيم، حيث سُجلت فيه نسب مرتفعة من الزرنيخ والكادميوم والزئبق والكروم، إضافة إلى الحديد والنحاس والزنك. كما لاحظ الباحثون اختلافاً موسمياً في حجم التلوث، إذ ارتفعت تركيزات الزرنيخ والزئبق والكادميوم بشكل خاص في السردين خلال فصل الشتاء، بينما برزت زيادة واضحة في الزنك خلال الصيف، وهو ما يبرز حساسية النظام البيئي البحري وتأثره المباشر بالأنشطة المحيطة به.

على المستوى الصحي، أوضحت الدراسة أن استهلاك لحوم هذه الأسماك لا يمثل خطراً مباشراً على البالغين، إذ جاءت القيم المسجَّلة دون الحدود القصوى المعتمدة دولياً. لكن الصورة تختلف بالنسبة للأطفال، حيث تبين أن بعض القيم المرتبطة بالكادميوم والحديد تجاوزت المستويات المسموح بها، ما يرفع من احتمالات التأثير الصحي لديهم، خاصة في حالة الاستهلاك المستمر.

كما أظهرت المؤشرات المتعلقة بمعدلات الخطر السرطاني أن الوضع يبقى محدوداً بالنسبة للبالغين، لكنه ينذر بمخاطر أكبر لدى الأطفال. وقد أشارت الدراسة على وجه الخصوص إلى الزرنيخ في السردين خلال فصل الشتاء، وإلى الماكرو في فصلي الصيف والشتاء معاً، كحالات قد تعكس خطراً تراكمياً على المدى الطويل، إذا لم يتم التحكم في مصادر التلوث.

ورغم أن التقرير شدد على عدم وجود تهديد فوري لصحة المستهلكين أو للبيئة البحرية، فإنه حذّر من أن استمرار التلوث الصناعي والزراعي في المنطقة سيؤدي حتماً إلى تراكم العناصر السامة في الأحياء البحرية، وهو ما قد ينعكس على السلسلة الغذائية برمتها ويؤثر في جودة الأسماك التي يستهلكها المواطن المغربي يومياً.

المغرب، الذي يُعتبر واحداً من أكبر المنتجين في إفريقيا بطاقة تصل إلى 1.36 مليون طن سنوياً، يعتمد بشكل أساسي على السردين والماكرو والأنشوفة، ما يجعل أي تهديد يتعلق بسلامة هذه الأصناف قضية تمس الأمن الغذائي الوطني مباشرة. وفي هذا السياق، يشكل خليج بطّويا نموذجاً مصغراً لتحديات بيئية متزايدة تواجهها مناطق ساحلية أخرى نتيجة التوسع الصناعي والعمراني وغياب شبكات الصرف الكافية.

وفي ختام التقرير، شددت الدراسة على ضرورة تكثيف المراقبة البيولوجية للأسماك في المغرب وإطلاق برامج متابعة صحية محلية تشمل السكان الأكثر اعتماداً على الاستهلاك البحري. كما أوصت بأن يُنظر إلى الاستثمار في جودة الموارد البحرية باعتباره جزءاً أساسياً من حماية صحة المجتمع وضمان استدامة الثروة السمكية للأجيال المقبلة.

المقال التالي