آخر الأخبار

تزوير تواريخ الصلاحية يفضح شبكات الغش والاحتكار وحماة المستهلك يدقون ناقوس الخطر

تعيش السوق المغربية حالة صدمة حقيقية بعد تفجر فضيحة جديدة في الدار البيضاء، حيث جرى ضبط كميات كبيرة من المواد الغذائية المنتهية الصلاحية بكل من بوسكورة وعين السبع. القضية انفجرت الأمس، وأثارت مخاوف عميقة بشأن سلامة المستهلكين بعدما تبين أن هذه المواد كانت موجهة للاستهلاك البشري، في خرق واضح وصريح للقوانين التي تنظم حماية المستهلك وتضع سلامته في صدارة الأولويات.

الجمعية المغربية لحماية المستهلك، عبر بلاغ توصلت به “مغرب تايمز ”، عبّرت عن قلق بالغ إزاء تفشي ممارسات الغش والاحتكار، مؤكدة أن تزوير تواريخ الصلاحية لم يعد مجرد حادث عرضي، بل صار ممارسة خطيرة تهدد بشكل مباشر حياة المغاربة. الجمعية شددت على أن هذا السلوك يوازي جريمة حقيقية لأنه يضرب في العمق الحق الدستوري للمواطن في الاستهلاك الآمن، محذرة من انعكاساته المدمرة على ثقة المستهلك في السوق الوطنية.

ولم تكتف الجمعية بالتحذير، بل أبرزت أن ما جرى يكشف وجود شبكات تستغل الفوضى في قطاع التوزيع، معتبرة أن استمرار هذه الممارسات يطرح أسئلة صعبة حول مدى نجاعة الرقابة القانونية. وأشارت إلى أن القوانين الجاري بها العمل، خاصة القانون 31.08 المتعلق بحماية المستهلك والقانون 104.12 الخاص بحرية الأسعار والمنافسة، واضحة في تجريم كل أشكال الغش والتضليل، غير أن ضعف تفعيلها يفتح الباب أمام المضاربين لتوسيع أنشطتهم على حساب صحة المواطن.

وفي المقابل، ثمّنت الجمعية تدخل الأجهزة الأمنية والمصالح الصحية التي تمكنت من إحباط هذه العمليات، لكنها شددت على أن اللحظة تستدعي إجراءات أكثر حزماً. ودعت إلى وضع خطة عاجلة تقوم على تشديد المراقبة في وحدات التخزين والتوزيع، خاصة بالضواحي والأسواق الشعبية، باعتبارها نقاط ضعف أساسية تُستغل من قبل المتورطين. كما طالبت بتسريع إدماج آليات رقمية متطورة لمراقبة سلسلة التوزيع وضمان الشفافية الكاملة في مسار وصول المنتجات إلى المستهلك النهائي.

البلاغ ألح أيضاً على ضرورة تطبيق العقوبات القانونية بشكل صارم ودون أي تساهل، حتى يكون ذلك رادعاً لكل من يفكر في تكرار هذه الأفعال. وفي السياق نفسه، أوصت الجمعية بإطلاق حملات توعية واسعة النطاق، لتشجيع المستهلكين على اليقظة والإبلاغ عن أي منتجات مشبوهة أو غير مطابقة للمعايير، خاصة تلك التي تُعرض خارج المسالك التجارية الرسمية.

ولم يفت الجمعية التأكيد على أن صحة المواطن المغربي تبقى خطاً أحمر لا يقبل المساومة، وأن جشع بعض التجار والمضاربين لا يمكن أن يتحول إلى تهديد لأرواح الناس. كما نبهت إلى أن هذه الممارسات تأتي في ظرفية اقتصادية دقيقة أصلاً، تتسم بارتفاع أسعار المواد الغذائية وتزايد معاناة الأسر المغربية، وهو ما يجعل أي استهتار بسلامة المنتجات مضاعف الأثر على المستوى الاجتماعي والاقتصادي.

وبهذا، تعكس القضية أكثر من مجرد عملية غش في المواد الغذائية، بل تكشف عن خلل هيكلي في أنظمة الرقابة والردع، وتؤشر على الحاجة الملحة إلى إصلاحات فعلية في منظومة حماية المستهلك، بما يعزز الثقة ويضمن شفافية السوق ويحمي حياة المغاربة من مخاطر العبث بصحتهم.

المقال التالي