المغاربة يئنون من الغلاء.. ووزيرة الإقتصاد تؤكد امتلاك الحكومة لصلاحيات تقنين السوق

رغم تصاعد أصوات المواطنين المنددة بارتفاع الأسعار وتضارب المصالح بين كبار الفاعلين، تؤكد وزيرة الاقتصاد والمالية أن الحكومة تتوفر على كافة الصلاحيات القانونية لتقنين السوق وضمان حماية القدرة الشرائية.
جاء ذلك في جوابها على سؤال كتابي لرئيس الفريق الحركي إدريس السنتيسي اليوم، حيث شددت الوزيرة على أن قانون حرية الأسعار والمنافسة رقم 99-06، المعتمد منذ سنة 2000، يضع آليات لحماية المستهلكين من التعسف والاحتكار والممارسات المقيدة للمنافسة، والتي غالباً ما تُتهم بالوقوف وراء موجات الغلاء.
القانون المذكور عرف سلسلة من التعديلات لمسايرة التحولات الاقتصادية، أبرزها إصلاح سنة 2008 بإدخال العقوبات الإدارية، ثم إصلاح 2014 الذي منح مجلس المنافسة صلاحيات تقريرية أوسع، وتعديل 2022 الذي دقّق عدداً من المقتضيات لتقريبها من الممارسات الدولية، مع تعزيز الحماية القانونية للفاعلين الاقتصاديين. غير أن هذه الترسانة القانونية، على وفرتها، لم تمنع توالي موجات الغلاء التي أثقلت كاهل الأسر المغربية.
وتوضح مضامين القانون أن الحكومة تملك صلاحيات لتقنين الأسعار في حالتين اثنتين: أولاهما دائمة، كما تنص المادة 3، وتشمل نحو 20 مادة وخدمة تقع تحت وضعيات احتكار قانوني أو دعم حكومي أو صعوبات تموين. والثانية مؤقتة، كما تشير المادة 4، وتتيح التدخل لمواجهة ارتفاعات أو انخفاضات حادة في الأسعار نتيجة ظروف استثنائية أو كوارث عامة، لمدة ستة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة.
وتشير الوزيرة إلى أن هذه الصلاحيات استُعملت بالفعل خلال جائحة كوفيد، حيث جرى تسقيف أسعار الكمامات الطبية ومحلول التعقيم واختبارات الكشف عن الفيروس، كما جرى إدراج نشر الإعلانات القانونية وتعريفة دروس السياقة ضمن المواد المقننة. لكن خارج هذه الظرفية، يرى مراقبون أن الحكومة تفضل الصمت أمام موجات الغلاء التي تضرب مواد أساسية، وهو ما يثير جدلاً متزايداً حول جدوى هذه القوانين في مواجهة مصالح اقتصادية متشابكة.
كما يضم القانون مقتضيات خاصة بمراقبة السوق وتحديد العقوبات ضد المخالفين، غير أن تطبيقها يظل محل انتقاد واسع بسبب ما يعتبره البعض غياب إرادة سياسية حقيقية للحد من المضاربات. فالقدرة الشرائية للمواطنين تواصل التآكل، بينما يزداد الإحساس بوجود فجوة بين النصوص القانونية والواقع المعيشي.
ورغم تطمينات وزيرة المالية حول التزام الحكومة بضبط الأسعار وتأطير السوق، يبقى السؤال المطروح: هل تكفي هذه الأدوات القانونية لمواجهة المضاربات وتضارب المصالح، أم أن صمت الحكومة أمام موجات الغلاء يعكس عجزاً يتجاوز النصوص إلى عمق الخيارات الاقتصادية نفسها؟
تعليقات