عاصفة تنظيمية أوروبية تهدد تحويلات البنكية لمغاربة الخارج

يترقب القطاع البنكي المغربي تحولاً جذرياً في طريقة عمله بأوروبا، مع اقتراب سريان تشريع مالي أوروبي صارم. دخل التشريع المعروف باسم CRD6 حيز التنفيذ في يوليوز 2024، ومن المقرر أن يبدأ تطبيقه الفعلي في يناير 2026.
وتهدف هذه القواعد الجديدة إلى تعزيز استقرار النظام المالي الأوروبي، من خلال إخضاع فروع البنوك غير الأوروبية، بما فيها المغربية، لمعايير مماثلة لتلك المفروضة على البنوك المحلية في الاتحاد. وكانت هذه الفروع تعمل سابقاً ضمن أطر تنظيمية أقل صرامة، مما أثار مخاوف بشأن المخاطر المحتملة.
سيترتب على البنوك المغربية العاملة في أوروبا الالتزام بمتطلبات جديدة صارمة في مجالات الحوكمة، والإشراف، وإعداد التقارير، مما سيؤدي حتماً إلى ارتفاع تكاليف الامتثال. قد يصل الأمر إلى إجبار بعض الفروع على التحول إلى كيانات قانونية منفصلة تماماً عن البنك الأم، إذا تجاوزت أصولها حاجز 10 مليارات درهم في دولة أوروبية واحدة، أو 40 مليار درهم على مستوى الاتحاد بأكمله.
لا تقتصر تبعات هذا التشريع على البنوك فحسب، بل تمتد لتطال شرياناً حيوياً للاقتصاد المغربي: تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج. هذه التحويلات، التي بلغت 117.7 مليار درهم عام 2024، قد تواجه عقبات إذا ما اضطرت البنوك إلى تقليص وجودها في أوروبا، مما قد يدفع المغتربين نحو قنوات تحويل أقل أماناً.
لمواجهة هذا التحدي، شكّل بنك المغرب، بالتنسيق مع الحكومة، فريق عمل خاص للتفاوض المباشر مع السلطات التنظيمية الأوروبية. إلا أن المحادثات لم تسفر عن أي اتفاق نهائي حتى مطلع أغسطس 2025.
تُلزم التوجيهية الجديدة البنوك أيضاً بإعداد خطط انتقالية طويلة الأمد، لا تقل عن عشر سنوات، توضح بالتفصيل كيفية تكييف نماذج أعمالها وإدارة مخاطرها، مع إيلاء أولوية خاصة للمخاطر البيئية والاجتماعية ومخاطر الحوكمة.
يبدو أن مستقبل الخدمات المالية للمغاربة في أوروبا، ومصدر الدعم الأساسي لاقتصاد وطنهم، يقف على مفترق طرق، بين صخرة التنظيمات الأوروبية الصلبة، ومكانسة التكيف المالي الباهظ الثمن.
تعليقات