بووانو وشارية يوضحان موقفهم…لماذا لم تشترط الأحزاب “مستوى تعليمي” للترشح للبرلمان؟

يعاني المشهد السياسي المغربي من إشكالية مزمنة تتمثل في وجود عدد كبير من المنتخبين، سواء في قبة البرلمان أو المجالس الجماعية، ممن يفتقرون إلى الحد الأدنى من التأهيل العلمي؛ هذه الظاهرة، التي لا تزال قائمة رغم تطور البلاد، تثير تساؤلات جدية حول جودة العمل التشريعي والقدرة على فهم القضايا المعقدة التي تتطلبها مهام التمثيل السياسي.
وفي الوقت الذي تسعى فيه الدول المتقدمة إلى رفع مستوى كفاءة ممثليها، تبدو الأحزاب المغربية مترددة في اتخاذ خطوات حقيقية نحو هذا الهدف، وهو ما تجلى بوضوح في مقترحاتها الأخيرة لوزارة الداخلية بشأن قوانين الانتخابات المقبلة لعام 2026.
فقد تجنبت الأحزاب في مقترحاتها إدراج شرط الحصول على شهادة “البكالوريا” كحد أدنى للترشح للبرلمان أو المجالس الجماعية، وهو الشرط الذي كان يُنتظر أن يساهم في الحد من ظاهرة “الأمية السياسية” بين المنتخبين.
وقد ربط العديد من المتتبعين هذا التجنب بغايات انتخابية بحتة، حيث إن عدداً من النافذين ورجال الأعمال داخل هذه الأحزاب يفتقرون إلى الشهادات الدراسية، رغم أن لهم نفوذاً كبيراً في مناطقهم وقدرة على جلب أصوات ضخمة لصالح أحزابهم؛ وهؤلاء الأشخاص، الذين قد لا يضيفون أي قيمة نوعية للعمل التشريعي أو التنموي داخل المؤسسات المنتخبة، يشكلون ركيزة أساسية في استراتيجية الأحزاب للفوز بالانتخابات، مما يجعل التخلي عنهم أمراً صعباً.
وفي المقابل، يرى طرف آخر من المحللين أن تفادي الأحزاب لهذا الشرط يرتكز على مبدأ الحق الدستوري لكل مواطن في الترشح، بغض النظر عن مستواه التعليمي.
ويعتبر هؤلاء أن فرض شرط البكالوريا يتطلب نقاشاً سياسياً معمقاً وسن قوانين خاصة به، لأنه قد يفتح باباً أمام الطعون الدستورية؛ ومع ذلك، يظل التساؤل قائماً حول ما إذا كان هذا التبرير مجرد غطاء للهروب من مواجهة إشكالية حقيقية، أم أنه يعكس بالفعل التزاماً بمبادئ دستورية قد تتعارض مع متطلبات الكفاءة في العمل السياسي.
وفي هذا الصدد، قال النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، عبد الله بووانو، في تصريح لجريدة “مغرب تايمز” الالكترونية: “كان عندنا نقاش مستفيض داخل الحزب حول هذا الموضوع، وقد ناقشناه من الناحية الدستورية، حيث إن هذا الموضوع قد يطرح إشكال التمييز بين المواطنين، لذلك حذفناه من بين المقترحات.”
وأضاف: “أما من ناحية المضمون فنحن معه، كي لا يلج البرلمان إلا من له معرفة دقيقة بالأمور.”
من جانبه، قال الأمين العام للحزب المغربي الحر، إسحاق شارية: “نحن ركزنا أكثر على محاربة الفساد والتشديد في تجريم الرشوة الانتخابية بكافة أنواعها، سواء الهدايا أو الأموال، وذلك بجعلها جناية تتطلب عقوبات مشددة وأن يعاقب الراشي والمرتشي معاً؛ لأننا لا نعتبر أن الخطر يكمن في الأمية فقط، بل الخطر الحقيقي هو المال الحرام.”
وأضاف: “كم من شخص قد يكون لديه مستوى تعليمي منخفض، لكن بالتجربة وبحب الساكنة له، يمكن أن يحقق عدة إنجازات؛ لكن الإشكال هو السطو على إرادة الناخبين. إذا كان الناخبون يريدون ممثلهم بمستوى تعليمي منخفض فذلك شأنهم، وهذه هي الديمقراطية.” وأشار: “إذا المواطن يختار من يشاء ويتحمل مسؤوليته.”
وأكد: “الأمية ليست هي المشكل، بل الفساد والسطو على إرادة المواطنين هو المشكل الكبير.”
خالد أفرياض
تعليقات