آخر الأخبار

بفارق 5 دراهم للتر.. اليماني يكشف لـ”مغرب تايمز” تفاصيل بيع المحروقات بأكثر من ضعف قيمتها العالمية

شهدت الأسواق العالمية للنفط تراجعاً طفيفاً، حيث أفادت وكالة أذرتاج ببيع برميل البترول من نوع “برنت” بقيمة 68.91 دولاراً في بورصة لندن بعد انخفاض قدره 0.23 دولار، بينما بيع برميل البترول من نوع “لايت” بقيمة 65.38 دولاراً في بورصة “نايميكس” بنيويورك بعد انخفاض قدره 0.21 دولار. إلا أن هذا الانخفاض الدولي لم يجد طريقه إلى محطات التزود بالمحروقات في المغرب، مما يثير تساؤلات حول آليات تسعير هذه المواد الحيوية.

في هذا السياق، كشف الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، عن فوارق صادمة بين الأسعار العالمية والمحلية، واصفاً أرباح شركات المحروقات بـ”الفاحشة”. وأوضح اليماني في تصريح خاص لـ”مغرب تايمز” أن متوسط سعر لتر الغازوال في الأسواق الدولية لم يتجاوز 5.35 درهم خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، بينما بيع في المحطات المغربية بمتوسط يقترب من 11 درهماً، أي بفارق صادم قدره 5.65 درهم للتر الواحد.

وحسب تحليل متعمق لآلية التسعير، فإن هذا الفارق الكبير “تتقاسمه أساساً الضرائب وأرباح الفاعلين”، وفقاً للبيانات التي قدمها اليماني. وأشار إلى أن الأسعار كانت لتبقى في نطاق معقول لو لم يتم تحريرها، حيث كان من الممكن ألا يتجاوز سعر لتر الغازوال 9.37 درهم ولسعر البنزين 10.64 درهم خلال النصف الأول من شتنبر الجاري.

ويكشف التحليل الاقتصادي لهذه الفوارق عن تراكم أرباح استثنائية ضخمة لشركات المحروقات، تقدر بحوالي 8 مليارات درهم منذ بداية السنة حتى نهاية غشت الماضي. ويرفع هذا المبلغ إجمالي الأرباح “الفاحشة” المتراكمة منذ بداية تطبيق قرار التحرير عام 2016 إلى ما يقارب 88.8 مليار درهم، وهو رقم يفوق ميزانيات عدة وزارات حكومية مجتمعة.

وتمتد تأثيرات هذه السياسة التسعيرية إلى أبعد من مجرد استنزاف جيوب المواطنين، حيث ساهمت بشكل مباشر في “تدمير الصناعة الوطنية” من خلال إغلاق المصفاة المغربية للبترول، وتعزيز التبعية للاستيراد وتعميق العجز التجاري. كما أدت إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج في جميع القطاعات الاقتصادية، مما أثر سلباً على القدرة التنافسية للمنتجات المغربية في الأسواق الدولية.

وفي ظل هذه المعطيات، يطالب اليماني بمراجعة شاملة لقرار تحرير الأسعار، والحسم في إعادة تشغيل المصفاة المغربية للبترول كخيار استراتيجي لتعزيز الأمن الطاقي الوطني. وتأتي هذه المطالبات في وقت يتسم بالتوترات الجيوسياسية الدولية التي تهدد سلاسل الإمداد الطاقة العالمية، مما يستدعي سياسة طاقية وطنية أكثر حماية للقدرة الشرائية للمواطن والمصلحة الاقتصادية للبلاد.

هذا الوضع يطرح إشكالية حوكمة قطاع المحروقات وشفافية آليات التسعير، خاصة في ظل غياب رقابة فعالة على هوامش أرباح الشركات العاملة في القطاع. ويتساءل مراقبون عن مدى توافق هذه السياسة التسعيرية مع الأهداف الاجتماعية للحكومة في حماية القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة الفئات الهشة والأكثر تأثراً بارتفاع الأسعار.

ويبقى السؤال الأبرز: إلى متى سيواصل المواطن المغربي دفع فاتورة باهظة لمحروقات تباع بأكثر من ضعف سعرها العالمي، في وقت تشهد فيه الأسواق العالمية تراجعاً ملحوظاً؟

المقال التالي