آخر الأخبار

تقرير صحفي: تعاونيات الأركان النسائية تواجه هيمنة الشركات العملاقة وتكافح من أجل البقاء

تواجه التعاونيات النسائية المنتجة لزيت الأركان في المغرب معركة وجودية للحفاظ على مصدر رزقها، في ظل هيمنة الشركات الدولية الكبرى وتفاقم التحديات البيئية. هذا ما كشفه تقرير حديث للمجلة الفرنسية “Le Courrier International”.

وأبرز التقرير أن الطلب العالمي المتصاعد على “الذهب السائل”، الاسم الذي يطلق على زيت الأركان لدخوله في الصناعات التجميلية والغذائية الفاخرة، يهدد القطاع بأكمله. وتعد شجرة الأركن، التي تمثل رمزاً ثقافياً وتراثياً للسكان المحليين، عماداً للمعرفة التقليدية التي تنتقل عبر الأجيال وتساهم في مكافحة التصحر.

ولفت المصدر إلى أن الشهية الكبيرة للشركات العالمية أدت إلى استغلال مفرط للغابات، تفاقم بسبب الرعي الجائر والتغيرات المناخية، مما تسبب في انخفاض حاد في الإنتاج واختلال دورة نمو الشجرة. وتراجعت مساحة غابات الأركان، التي كانت تغطي نحو 14 ألف كيلومتر مربع مطلع القرن الحالي، بنسبة 40%.

وحذرت الكيميائية زبيدة شروف من أن اختفاء هذه الأشجار يمثل “كارثة بيئية”، كونها تشكل حاجزاً أخضر يصد زحف الصحراء الكبرى نحو جنوب المغرب. ويسلط التقرير الضوء على المعاناة المزدوجة للتعاونيات النسائية الصغيرة، التي تواجه صعوبات جمة في شراء المواد الخام بسبب هيمنة الشركات متعددة الجنسيات، ما دفع بعضها إلى وقف أنشطتها هذا العام.

وتسيطر شركات كبرى، مثل “Olvea” الفرنسية، على 70% من صادرات الزيت، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار ويجعل التعاونيات المحلية عاجزة عن المنافسة. كما يستفيد الوسطاء من بيع المنتجات بأسعار زهيدة، بينما تعجز المنتجات عن تحقيق أرباح حقيقية، خاصة مع اضطرار التعاونيات إلى البيع المسبق بأسعار منخفضة نتيجة عدم قدرتها على التخزين.

ورغم محاولات الحكومة المغربية إنشاء مراكز تخزين لدعم المنتجين، فإن هذه المبادرات لم تحقق النجاح المنشود، وفق تقييم التعاونيات. وتكافح العاملات في هذه التعاونيات لكسب الحد الأدنى للأجور الذي يبلغ 3111 درهماً شهرياً.

ويضاف إلى ذلك إشكالية أخرى، حيث تُستخدم السلعة في منتجات تجارية عالمية دون الإشارة إلى أصلها المغربي، مما يعزز شعور الاستلاب ويقلل من الاعتراف الدولي بمساهمة التعاونيات. وأكد التقرير أن الحماية القانونية لزيت الأركان لا تزال ضعيفة، رغم سعي المغرب منذ 2015 للحصول على علامة إقليمية محمية.

تعكس هذه الصعوبات تحولات أعمق في المجتمع المغربي، حيث تقول مالكة إحدى التعاونيات: “أنا آخر جيل عاش تقاليدنا، الأعراس، المواليد، وحتى صناعة الزيت، كل هذا يتلاشى”.

المقال التالي