الدخول المدرسي يفضح فشل السياسات الحكومية في الحد من الفوارق الاجتماعية

على أعتاب الدخول المدرسي الجديد، يستعد آلاف التلاميذ في مختلف ربوع المملكة للعودة إلى مقاعد الدراسة بعد عطلة الصيف، وسط تفاوت اجتماعي صارخ يضع علامات استفهام كبيرة حول مبدأ تكافؤ الفرص.
هذا المشهد يعيد إلى الأذهان ما قاله الملك محمد السادس في خطابه الأخير، حين شدد على أنه “لا مكان لمغرب يسير بسرعتين”، في إشارة واضحة إلى التباين الكبير بين فئات من المغاربة تنعم بظروف عيش مريحة، وأخرى غارقة في الفقر والهشاشة.
في المدن والمراكز الحضرية، ينتظر التلاميذ بداية موسم دراسي جديد في مؤسسات عمومية وخاصة، حيث تتوفر مقومات التعليم من فضاءات ملائمة وأطر تربوية ووسائل نقل مدرسي؛ في المقابل، يواجه أطفال القرى والمناطق الجبلية معاناة يومية من أجل بلوغ فصولهم الدراسية، إذ يضطرون لقطع مسافات طويلة عبر طرق وعرة، معرضين أنفسهم لمخاطر شتى، من الكلاب الضالة إلى الغرباء والمختلين، في غياب أي وسيلة نقل مدرسي تؤمن رحلتهم نحو طلب العلم.
في قرية تكاديرت بجماعة أرزان إقليم تارودانت، يقول “أ ع” وهو تلميذ في مستوى الثالث ابتدائي في تصريح لموقع مغرب تايمز: “نقطع مسافة طويلة كل صباح للوصول إلى المدرسة الموجودة بمركز الجماعة، أحياناً وسط الظلام الدامس بسبب الساعة الإضافية، مما يجعلنا نشعر بالخوف من المخاطر في الطريق”.
ويضيف أحد أولياء الأمور: “أبناؤنا يعانون كثيراً، نطالب بتوفير النقل المدرسي أو إنشاء أقسام ابتدائية إضافية داخل الدوار حتى لا يضطر الأطفال إلى هذه الرحلات الشاقة يومياً”.
هذا التفاوت التعليمي، الذي يظهر جلياً مع كل دخول مدرسي، يطرح إشكالاً عميقاً في المستقبل؛ ففي سوق الشغل، يلتقي أبناء المدن الذين درسوا في ظروف مريحة مع أبناء القرى الذين عانوا من مشاق التعلم، لكنهم جميعاً ينافسون على نفس الفرص، وهو ما يضرب في الصميم مبدأ تكافؤ الفرص الذي يفترض أن يكون أساس بناء مجتمع متوازن.
إن استمرار هذا الوضع يعكس قصور السياسات الحكومية في تنزيل برامج حقيقية لمواكبة أطفال القرى والمناطق المهمشة، وفشلها في تقليص الفوارق الاجتماعية التي تزداد وضوحاً مع كل دخول مدرسي.
وبينما يرفع المسؤولون شعارات الإصلاح وتعميم التعليم، يظل أطفال القرى يواجهون واقعاً قاسياً، يعمق الشرخ الاجتماعي ويكرس صورة المغرب ذو السرعتين الذي حذر منه الملك.
تعليقات