قطاع حيوي لكنه هش: صعوبات التمويل والإدارة تعيق نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة

تمثل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المغرب ركيزة أساسية للنسيج الاقتصادي، حيث تشكل أكثر من 99% من مجموع المقاولات وتوظف نحو ثلاثة أرباع اليد العاملة في القطاع الخاص، كما تسهم في إنشاء غالبية الشركات الجديدة سنويًا.
ورغم هذا الدور المركزي، لا تتجاوز مساهمتها في الناتج الداخلي الخام خُمس الحجم، وتمثل حوالي 30% فقط من الصادرات، ما يعكس هشاشة هذا القطاع وقيوده الهيكلية.
وشهدت السنوات الأخيرة ولادة عشرات آلاف الشركات الجديدة، غير أن أربع شركات ناشئة من كل خمس تتوقف عن نشاطها قبل مرور خمس سنوات. وسجلت 2023 أرقامًا قياسية من الإفلاس، إضافة إلى توقف آلاف المقاولين الأفراد عن النشاط، ما يوضح هشاشة استمرارية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أمام التحديات الاقتصادية.
يظل التمويل أحد أبرز العقبات، إذ لا يحصل سوى ثلث الشركات على قروض بنكية، في حين تبقى برامج الدعم الحكومية محدودة التأثير على المستوى الوطني. وزيادة أسعار الفائدة وارتفاع تكاليف المدخلات، إلى جانب إلغاء معدل الضريبة المخفض، ضاعفت الضغوط على هذه المؤسسات الصغيرة. وتعقد التعقيدات الإدارية وبطء الإجراءات القضائية والصعوبات في تطبيق القوانين الخاصة بحماية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الوضع أكثر، ما يزيد شعور رواد الأعمال بالظلم.
على صعيد السوق المحلية، تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة منافسة غير متكافئة أمام المجموعات الكبرى، بينما تبقى حصتها في التصدير محدودة بسبب غياب شبكات التوزيع الدولية ومتطلبات الجودة المكلفة. كما تتقدم الرقمنة ببطء، فيما يفتقر العديد من أصحاب المشاريع إلى مواقع إلكترونية وأدوات إدارة حديثة، ويظل نقص المهارات واستثمار محدود في التدريب عائقًا أمام تحسين الإنتاجية والتنافسية.
وتتجلى هشاشة هذا القطاع في تراكم الضغوط، من تضخم وتأخر الدفع وعبء الضرائب وصعوبة الحصول على التمويل، ما يضع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في وضع هش رغم أهميتها الاقتصادية. وتظل بقاؤها وتطورها رهين قدرة الدولة على تطبيق القوانين، وتنويع أدوات التمويل، ودعم التحول الرقمي والبشري لضمان أن تترجم غالبية الشركات القائمة إلى قيمة اقتصادية ملموسة.
تعليقات