آخر الأخبار

بنكيران والرميد يفضحان “جبروت”: دعاية سوداء تستهدف ثقة المغاربة

أثارت صفحة على تطبيق “تليغرام” تحمل اسم “جبروت” موجة واسعة من الجدل، بعد نشرها ادعاءات اعتُبرت خطيرة تمس مؤسسات سيادية وشخصيات عامة. ورغم أن هذه المزاعم لم تُرفق بأي دليل ملموس، فقد سعت الصفحة إلى الظهور كمنبر يكشف “حقائق مخفية”، بينما اعتبرها متابعون مجرد محاولة لتغذية الشاّكات عبر خطاب مشوّش.

المحتويات التي تروج لها “جبروت” لا تخرج عن كونها نصوصاً إنشائية تعتمد الإثارة، مستندة إلى أسلوب التشكيك وإغراق المتلقي بمعلومات غير مثبتة وبدون تقديم دليل. انتشارها الرقمي الكبير لم يُترجم إلى مصداقية، بل يعكس فراغاً تستغله جهات مجهولة الهوية لتمرير رسائل غير موثوقة.

رئيس الحكومة الأسبق، عبد الإله بنكيران، عبّر عن موقف واضح من الصفحة قائلاً إن “موقعاً اجتماعياً أو تجسسياً سَمَّى نفسه جبروت، بدأ يتكلم كلاماً متعلقاً بجلالة الملك محمد السادس وولي العهد الأمير الحسن”، مضيفاً أن “الجبروت صفة من صفات الله، الله هو الجبار، فكيف يُنسبونها لصفحة مجهولة الهوية؟”. ووصف ابن كيران المنصة بأنها مجرد محاولة للتشويش، متسائلاً عن هوية القائمين عليها وداعياً إياهم إلى إعلان أنفسهم بدلاً من الاحتماء خلف المجهول.

بدوره، لم يتردد وزير الدولة السابق، المصطفى الرميد، في وصف ما تنشره الصفحة بأنه “إساءة وقحة ومنغمسة في القذارة”، مؤكداً في تصريح لـ”مغرب تايمز” أن “هذه الدعاية السوداء تستهدف المملكة في شخص الأمير مولاي الحسن”، معتبراً أن الغاية منها ضرب الثقة بين المغاربة ومؤسساتهم.

من جانبه، قدّم الدكتور أنس أبو الكلام، رئيس قسم الدفاع السيبراني بجامعة القاضي عياض، تحليلاً تقنياً لخطة عمل هذه المجموعة، موضحاً أنها تقوم على ثلاث مراحل: أولها تقديم وثائق حقيقية أو شبه حقيقية لكسب الثقة، تليها مرحلة اللعب على المشاعر كالخوف والغضب لإضعاف التفكير العقلاني، ثم مرحلة إغراق المعلومة الصحيحة وسط المغالطات لتشويش المتلقي. واعتبر الخبير أن هذه المراحل جزء من إستراتيجية معروفة في الهندسة الاجتماعية تستهدف السيطرة على وعي الجمهور.

هذا التحليل يبرز أن القضية لا تتعلق بمجرد نشر معلومات، بل بعملية ممنهجة لإرباك المتلقي واستغلال الفراغ الإعلامي لتقويض الثقة. ووفق متابعين، فإن مواجهة مثل هذه الظواهر تستوجب يقظة مؤسساتية ورداً سريعاً يقطع الطريق أمام الحملات التضليلية.

لكن غياب تواصل رسمي منتظم يترك مساحة مفتوحة أمام الشائعات لتترسخ وتتحول إلى ما يشبه “حقائق بديلة”. لذلك، لابد من أن إصدار بلاغات دقيقة وشفافة من شأنه حماية الرأي العام وتحصين المؤسسات من الاستغلال السياسي أو الإعلامي.

وبينما تسعى “جبروت” إلى تقديم نفسها كصوت كاشف، فإنها في الواقع لا تقدم سوى خليط من المغالطات والمعلومات المضللة. فالمصداقية تُبنى على الوثائق المثبتة والتصريحات الرسمية، لا على تسريبات مجهولة المصدر.

في النهاية، تكشف الضجة التي أثارتها الصفحة الحاجة الملحة إلى سياسات تواصل استباقية تضمن وصول المعلومة الصحيحة إلى المواطنين، وتعزز ثقتهم في المؤسسات. ذلك أن أخطر ما يمكن أن تتركه مثل هذه الظواهر هو اهتزاز الثقة، وهو ما يشكل في ذاته خطراً يفوق مضمون المزاعم نفسها.

المقال التالي