برلمانيون يشككون في الحكامة وبوحوث لـ”مغرب تايمز”: استثمار يعزز الجودة

أثار تخصيص حوالي 147 مليون درهم لتنفيذ برنامج “الزبون السري”، نقاشاً محتدماً حول الحكامة المالية وجدوى هذه الخطوة في تطوير القطاع السياحي. المشروع الذي ترعاه وزارة السياحة ويُنفذ عبر الشركة المغربية للهندسة السياحية، يقوم على توظيف زبائن متخفين يزورون المؤسسات الفندقية والإيوائية لتقييم جودة الخدمات بعيداً عن التصنيفات الشكلية والمحاباة.
لكن هذا الإجراء، رغم ما يحمله من وعود، يواجه انتقادات قوية داخل الأوساط البرلمانية والسياسية. فقد اعتبرت النائبة سلوى البردعي، عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أن تخصيص 14.7 مليار سنتيم لبرنامج من هذا النوع يثير تساؤلات مشروعة حول الحكامة المالية، في وقت يحتاج فيه القطاع إلى إصلاحات هيكلية أكثر من عمليات تجميلية. ووجهت سؤالاً كتابياً لوزيرة السياحة تساءلت فيه عن طبيعة الصفقة، والجهة التي رُست عليها، والمعايير المعتمدة في احتساب الغلاف المالي، ومدى خضوعه لدفتر تحملات شفاف ومفتوح للمنافسة.
من جهته، يرى الخبير السياحي الزوبير بوحوث، في تصريح لـمغرب تايمز، أن المشروع “ليس تبذيراً للمال العام، بل استثمار في الجودة وتعزيز ثقة المستهلك في العرض السياحي الوطني”. وأوضح أن الميزانية لا تمثل سوى 0.1% من المداخيل التي حققها القطاع خلال 2024، والتي تجاوزت 112 مليار درهم من السياحة الدولية، إضافة إلى ما بين 40 و50 مليار درهم من السياحة الداخلية.
بوحوث دافع عن الآلية باعتبارها ممارسة معمولاً بها في عدد من الدول المتقدمة والسلاسل الفندقية الكبرى، مؤكداً أن اعتمادها في المغرب سيضمن رقابة واقعية ومستمرة، ويجبر المؤسسات على تحسين خدماتها بشكل يومي. لكنه في الوقت نفسه حذّر من أن نجاح التجربة يظل رهيناً بالنزاهة والصرامة، معتبراً أن أي تساهل أو تسريب لهوية المراقبين سيفقد العملية قيمتها.
في المقابل، يشدد المنتقدون على أن الأهم ليس فقط آلية الرقابة، بل الاستثمار في تكوين الموارد البشرية وتحسين ظروف العاملين، باعتبارهم الحلقة الحاسمة في تقديم الخدمة. ويُطرح السؤال: هل يكفي أن يتقمص موظفون دور نزلاء سريين لتجاوز التفاوت المزمن بين ما يُعلن على الورق وما يواجهه السائح على أرض الواقع؟
كما يثير حجم الميزانية علامات استفهام إضافية. فبينما تعتبره الوزارة استثماراً استراتيجياً لتحضير المملكة لمواعيد كبرى مثل كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، يرى معارضون أن 14.7 مليار سنتيم كان يمكن أن توجه لتعزيز البنية التحتية أو تحديث المرافق السياحية أو دعم الابتكار الرقمي في القطاع.
وبينما يدافع البعض عن “الزبون السري” كخطوة لتعزيز تنافسية السياحة الوطنية، يبقى الشك قائماً حول ما إذا كان هذا الاستثمار سيترجم فعلاً إلى تحسين ملموس في تجربة السائح، أم أنه سينضاف إلى سلسلة من البرامج التي تستهلك الأموال العامة دون أثر دائم.
تعليقات