خطة الحكومة الصحية تتعثر… والمرضى بين المستشفيات الفارغة والقطاع الخاص المكلف

يعاني النظام الصحي في المغرب من أزمات هيكلية متراكمة أثرت بشكل مباشر على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين؛ فبالرغم من الخطط المعلنة لزيادة عدد الأطباء والممرضين، ما زال نقص الكوادر في المستشفيات والمراكز الصحية يشكل عائقاً كبيراً أمام الاستجابة للاحتياجات الأساسية للمواطنين، خاصة في المناطق النائية والريفية. هذا النقص يفاقم الضغوط على العاملين الحاليين ويؤثر على جودة الرعاية، فيما تظل بعض التخصصات الحيوية مثل التمريض والتخدير في حالة عجز دائم، ما يعرض حياة المرضى للخطر.
وتؤكد تقارير عديدة أن هناك فجوة كبيرة بين عدد الخريجين من كليات الطب والتمريض والفرص الفعلية المتاحة لهم، ما يخلق بطالة بين الشباب المؤهلين في الوقت الذي تعاني فيه المستشفيات من نقص حاد في الموارد البشرية؛ كما أن نزيف الأطباء نحو الخارج يفاقم الأزمة، حيث يفقد المغرب سنوياً أعداداً كبيرة من الأطباء، ما يزيد الفجوة ويهدد استمرارية تقديم الخدمات الصحية بشكل متكافئ.
وتضيف ذات المصادر أن عملية توزيع الكوادر الصحية تظل غير عادلة، إذ تتمركز الخدمات في المدن الكبرى بينما تعاني المناطق النائية من نقص شبه كامل في الأطباء والممرضين والمعدات الطبية، ما يخلق ما يمكن وصفه بـ”صحاري صحية” يضطر السكان فيها للسفر لمسافات طويلة للحصول على أبسط الخدمات. ويشير القطاع إلى أن ضعف التخطيط والتنسيق بين برامج التكوين والتوظيف يفاقم هذه المعاناة ويحول دون استفادة المواطنين من خدمات صحية ملائمة وفعالة.
في ظل هذه المعطيات، يظل السؤال المطروح: ما الضمانات التي يمكن للحكومة تقديمها لوقف نزيف الموارد البشرية وتحسين توزيعها وضمان جودة الرعاية الصحية؟ فالواقع يظهر أن الخطط المعلنة تبقى على الورق، فيما المواطنون يواجهون يومياً صعوبات في الحصول على العلاج، ويضطرون غالبا للتوجه إلى القطاع الخاص أو دفع تكاليف إضافية لتلقي الخدمات الأساسية، وهو ما يزيد من هشاشة النظام الصحي ويضعف القدرة الشرائية للمواطنين.
تعليقات