آخر الأخبار

صفقات بالملايير للتواصل داخل “نارسا” بدون أثر ملموس

في الوقت الذي يفترض أن يكون التواصل أداة لتقريب السياسات العمومية من المواطنين وضمان انخراطهم في القرارات المرتبطة بالسلامة الطرقية، تواصل الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية “نارسا” صرف ميزانيات ضخمة على صفقات التواصل والإشهار، دون أن ينعكس ذلك على الواقع أو يخفف من الاحتقان الاجتماعي الناتج عن قراراتها.

فبعدما خصصت الوكالة ميزانية تجاوزت 568 مليون سنتيم في صفقة للتواصل وتنظيم أنشطة صيفية سنة 2025، فازت بها شركة “olevents”، ها هي اليوم تطلق صفقة جديدة تحت رقم 22/2025، تتعلق بالاستشارة وشراء المساحات الإشهارية بالقنوات التلفزية والإذاعية، بقيمة تصل إلى مليار و595 مليون سنتيم، أي ما يقارب 16 مليون درهم. ومن المنتظر أن يتم فتح أظرفتها يوم 25 شتنبر 2025.

المثير أن هذه المبالغ الضخمة، التي تتجاوز في ظرف بضعة أشهر ملياري سنتيم، لم تحقق الأهداف المعلنة، بل على العكس تماماً، حيث أظهرت تجربة مراقبة سرعة الدراجات النارية خلال الصيف وجهاً آخر للفشل في التواصل؛ فبدل أن تساهم هذه الحملات في توضيح القرارات وشرحها للرأي العام، تحولت إلى مصدر توتر واحتقان اجتماعي، بعدما وجد المواطنون أنفسهم في مواجهة إجراءات لم يتم تقديمها بالشكل اللازم من حيث الشرح والإقناع.

هذا الواقع يكشف خللاً عميقاً في طريقة تدبير مدير الوكالة ناصر بولعجول وفريقه لملف التواصل، إذ أن صرف مبالغ تفوق نصف مليار سنتيم للتواصل المباشر وتنظيم أنشطة خلال الصيف لم يحقق الحد الأدنى من التوضيح، بل قاد إلى نتائج عكسية.

ومع إطلاق صفقة جديدة بمبلغ يفوق مليار ونصف سنتيم، تتجدد الأسئلة حول الحكامة المالية داخل الوكالة، وأولوياتها في صرف المال العام.

وفي ظل هذه الأرقام، يتساءل الرأي العام عن جدوى كل هذا الإنفاق على “تواصل” لا يُقنع ولا يُطمئن، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى مبادرات عملية لتحسين شروط السلامة الطرقية على الأرض، بدل الاكتفاء بإعلانات باهظة الثمن وشعارات لا تتجاوز حدود الورق والشاشات.

المقال التالي