آخر الأخبار

أرقام “الفاو” تفضح حصيلة أخنوش.. تهالك 294 ألف هكتار يكشف فشل المخطط الأخضر

أظهرت بيانات صادرة عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، أن المغرب فقد خلال الفترة الممتدة ما بين 2014 و2023 ما مجموعه 294.234 هكتاراً من أراضيه الزراعية، أي ما يعادل تراجعاً بنسبة 3.24 في المائة من إجمالي المساحات المزروعة.

فقد انخفضت الأراضي القابلة للزراعة من 9.08 ملايين هكتار سنة 2014 إلى 8.79 ملايين هكتار سنة 2023، وهو ما يعكس تراجعاً بنيوياً يثير مخاوف جدية حول مستقبل الأمن الغذائي، ويضع علامة استفهام كبيرة حول جدوى السياسات الفلاحية التي صيغت في إطار ما عُرف بالمخطط الأخضر.

ورغم هذا التراجع، استمرت بعض الزراعات التقليدية في الهيمنة على المشهد الفلاحي، حيث جاء الزيتون على رأس المزروعات بمساحة بلغت 1.214.934 هكتاراً، يليه اللوز بـ230.797 هكتاراً، ثم الذرة بـ84.140 هكتاراً، فالبرتقال بـ62.775 هكتاراً، في حين شغلت البطاطس 58.581 هكتاراً. هذه الأرقام تكشف استمرار اعتماد الفلاحة المغربية على محاصيل تقليدية لم تستطع مواجهة صدمات المناخ وشح المياه، وهو ما يتناقض مع الوعود المعلنة خلال سنوات ترويج المخطط الأخضر.

وعلى المستوى الدولي، لم يكن المغرب استثناءً في تسجيل تراجع بالمساحات المزروعة، إذ خسرت فرنسا ما يفوق 1.4 مليون هكتار (-7.25 في المائة) وإسبانيا نحو 581 ألف هكتار (-3.38 في المائة). لكن في المقابل، برزت تجارب مغايرة مثل إيطاليا وتركيا، حيث أضافت الأولى 363.067 هكتاراً جديدة، فيما وسعت الثانية أراضيها المزروعة بـ34 ألف هكتار لتصل إلى 23.97 مليون هكتار، وهو ما يضع المغرب أمام مقارنة غير مريحة مع دول نجحت في تحويل تحديات المناخ إلى فرص للنمو الزراعي.

ويرى متتبعون أن هذه المؤشرات تفضح محدودية المخطط الأخضر، الذي رُوِّج له باعتباره قاطرة التنمية الفلاحية، لكنه فشل في تحقيق التوازن بين الرفع من الإنتاج وحماية الموارد الطبيعية، خصوصاً الماء والتربة. فبعد سنوات من الاستثمار، ما تزال الفلاحة الوطنية رهينة الزراعات الموجهة للتصدير، في حين تظل الفئات الفلاحية الصغيرة عاجزة عن مواكبة التحولات بسبب غياب الدعم الفعلي وتراجع العدالة المجالية.

ويربط خبراء بين هذه الخسائر وغياب رؤية استراتيجية بديلة تأخذ بعين الاعتبار آثار التغير المناخي وتراجع الموارد المائية، مؤكدين أن التوجه الحالي لم ينجح في ضمان السيادة الغذائية ولا في وقف نزيف الأراضي الزراعية. بل على العكس، أدى إلى استنزاف التربة والمياه لصالح الزراعات المربحة تجارياً، في حين تضررت الحبوب والمحاصيل الأساسية التي يعتمد عليها الأمن الغذائي للمغاربة.

ويعتبر المختصون أن الطريق لتجاوز هذا الوضع يبدأ بوضع سياسات بديلة أكثر عدلاً وفعالية، تقوم على توجيه الاستثمارات نحو الزراعات الغذائية الأساسية، وتوسيع البنية التحتية المائية، وإرساء دعم منصف للفلاحين الصغار. كما يدعون إلى مراجعة شاملة للمخطط الأخضر وما تلاه من برامج، بما يضع الفلاحة في خدمة المواطن أولاً، بدل أن تظل رهينة مصالح ضيقة مرتبطة بالتصدير والريع الفلاحي.

المقال التالي