حوار: العصبة لـ”مغرب تايمز”: تقريرنا ليس مجرد تشخيص بل جرس إنذار وتوثيق لفشل مؤسساتي

كشف تقرير جديد للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان عن صورة مقلقة لواقع الشباب في المغرب، حيث البطالة المرتفعة، والعزوف عن السياسة، وتراجع الثقة في المؤسسات، إضافة إلى مؤشرات صادمة. التقرير، الذي صدر بمناسبة يوم للشباب، لا يكتفي بالتشخيص بل يقرع ناقوس الخطر ويدعو إلى إصلاحات عاجلة في التعليم، الشغل والمشاركة السياسية.
مغرب تايمز حاور عادل تشيكيطو، رئيس العصبة، حول أبرز ما جاء في التقرير وتوصياته، وعن الأسئلة الصعبة التي تطرحها وضعية الشباب المغربي اليوم.
س: المجلس الاستشاري للشباب معطل منذ 2011 رغم التنصيص عليه في الدستور. هل السبب خوف من صوت شبابي حر أم مجرد بيروقراطية؟
ج: في الواقع، نحن كجمعية حقوقية لا ننشغل بالتخمين في النوايا. ما نؤكد عليه هو أن هذه الآلية الدستورية معطلة منذ التنصيص عليها، والتقرير يوضح أن هذا التعطيل مكلف ويقصي الشباب من المشاركة. لذا ندعو إلى “مأسسة المشاركة” عبر إطلاق المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، باعتباره أداة تمثيلية دائمة لتصحيح الاختلالات البنيوية في تمثيل الشباب.
س: التقرير يتحدث عن محسوبية في الجامعات. هل لديكم ملفات بأسماء محددة، أم مجرد ملاحظات عامة؟
ج: التقرير تشخيصي حقوقي وليس تحقيقًا قضائيًّا. هو يرصد الظاهرة ويقترح بدائل للسياسات الفاشلة، مثل محاربة المحسوبية والزبونية وتكريس العدالة الأكاديمية. أما قضايا “المال أو الجنس مقابل النقط”، فهي فضائح معروفة في الساحة الجامعية، لكن دورنا هو تقديم توصيات وحلول مؤسساتية، لا فتح لوائح اتهام.
س: أنتم تدينون الأحزاب التي حولت شبابها إلى مجرد “كورال”. من يتحمل المسؤولية: القيادات الحزبية أم الشباب أنفسهم؟
ج: التقرير يشخّص خللًا متبادلًا. هناك هياكل حزبية تضيّق هوامش الفعل، وفي المقابل شباب يقبلون بأدوار هامشية. الحل هو تمكين الشباب ومأسسة مشاركتهم داخل المنظومة التمثيلية.
س: هل يعكس هيكل منظمتكم مطلب التمثيلية الشبابية الذي تطالبون به؟
ج: نعم. منذ مؤتمرنا الثامن ألزمنا قوانيننا الداخلية باحترام تمثيلية الشباب والنساء في كل الأجهزة، من المكتب المركزي إلى الفروع. والتقرير نفسه صاغه شباب من العصبة. نحن ندعو كل الفاعلين إلى اعتماد معايير شفافة وحصص عمرية لضمان المشاركة الفعلية.
س: توصياتكم تحتاج موارد مالية. أي قطاع يمكن تقليص استثماراته لصالح برامج الشباب؟
ج: إصلاح التعليم والتكوين والجامعة لا يحتاج إلى ميزانيات إضافية بقدر ما يحتاج إلى حسن تدبير. فكل درهم يُستثمر في التعليم والصحة ومحاربة الجريمة اليوم، سيخفض كلفة البطالة والجريمة غدًا. التغاضي عن هذه الإصلاحات مكلف على المدى البعيد.
س: التقرير يشير إلى أن 87% من الشباب يتبنون أفكارًا عنصرية. أليس هذا فشلًا تتحمله الدولة والمجتمع معًا؟
ج: نعم، بل ويتحمله أيضًا الإعلام والفضاء الرقمي الذي تحول إلى مرتع لخطاب الكراهية. التقرير يقترح إدماج ثقافة حقوق الإنسان في المناهج، وإحداث مرصد وطني لخطاب الكراهية، معتبرًا أن الوقاية التربوية والثقافية شرط للأمن الاجتماعي.
س: متى يمكن القول إن “الفرصة الديموغرافية” تحولت إلى عبء لا رجعة فيه؟
ج: التقرير لم يحدد عتبة رقمية فاصلة، لكن استمرار الهدر المدرسي فوق 10%، والاكتظاظ في الأقسام، وغياب مجلس الشباب، مع ارتفاع خطاب الكراهية، كلها مؤشرات تنذر بأن الفرصة قد تضيع في غضون 15 سنة. عندها سيتحول الشباب من قوة منتجة إلى عبء.
س: هل أردتم من خلال التقرير إطلاق إنذار للتحرك أم مجرد توثيق لفشل جماعي؟
ج: قصدنا الأمرين معًا، بل وأكثر: هو جرس إنذار، وتوثيق لفشل مؤسساتي، وإعلان عن بداية فقدان الأمل إذا لم تُتخذ خطوات عاجلة. لكن التقرير قدم أيضًا وصفات عملية، من تقليص الاكتظاظ وتحديث المناهج إلى إطلاق مجلس الشباب وإحداث مرصد لخطاب الكراهية.
كلمة أخيرة.
العصبة: رسالتنا للحكومة وكل المعنيين بقضايا الشباب: هذا الجيل ليس عبئًا ينتظر الموازنة، بل استثمار ينتظر القرار. كل تأخير في إشراكه يُخصم من مستقبل الوطن، وكل مبادرة تُطلق اليوم قد تحول الفرصة الديموغرافية إلى قوة حقيقية لمغرب الغد.
تعليقات