آخر الأخبار

100 درهم للمتر الواحد في قلب الرباط.. فضيحة نزع الملكية تجر موجة انتقادات واسعة

أثار مشروع توسعة شارع محمد السادس بالعاصمة موجة انتقادات واسعة، بعدما حددت لجنة نزع الملكية مبلغ 100 درهم فقط للمتر المربع كتعويض لفائدة الملاك المتضررين. القرار الذي برز للعلن اليوم الأربعاء 20 غشت 2025، اعتبره عدد من المتتبعين سعراً “بخساً وغير منطقي”، خصوصاً أن المنطقة تُصنَّف من بين الأغلى في الرباط.

المستشار الجماعي عن فيدرالية اليسار، عمر الحياني، وصف في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية التقييم بـ”العبث الإداري”، مذكراً بأن أسعار العقارات في شارع محمد السادس لا تقل عادة عن 4000 إلى 5000 درهم للمتر المربع. واعتبر أن ما جرى يكشف تناقضاً صارخاً في تعامل الإدارة، إذ تُحتسب الضرائب وفق القيمة السوقية، بينما التعويضات تُحدد بمبالغ زهيدة.

وأشار الحياني إلى أن الملاك المتضررين سيلجؤون إلى القضاء للطعن في التعويضات، ما سيؤدي لاحقاً إلى رفع قيمتها، غير أن ذلك لن يتم إلا بعد مسار طويل ومعقد من الإجراءات الإدارية والقضائية.

في سياق متصل، انتقد الحياني جدوى المشروع نفسه، واصفاً إياه بـ”غير المبرر”، على اعتبار أن شارع محمد السادس يعد أصلاً من أوسع شوارع العاصمة، إذ يضم ستة ممرات (3×2)، وخضع قبل فترة قصيرة لأشغال تهيئة كلفت ملايين الدراهم. وتساءل عن الحاجة لإضافة ممرين جديدين سيحولان الشارع، حسب تعبيره، إلى “طريق سيار يخترق المدينة”.

كما حذر من المخاطر المرتبطة بالسلامة الطرقية، مؤكداً أن توسيع الشارع سيشجع على رفع السرعة بشكل تلقائي، ما يهدد حياة الراجلين ومستعملي الدراجات والأشخاص في وضعية إعاقة. وأوضح أن مثل هذه المشاريع تتناقض مع التوجهات الحديثة في التهيئة الحضرية، التي تدعو إلى تقليص حركة السيارات داخل المدن لفائدة أنماط التنقل المستدام.

ولم يتردد المستشار الجماعي في وصف الوضع بعبارة “الغباء صار متحكماً في دواليب القرار بالرباط”، داعياً إلى إعادة النظر في أولويات الإنفاق العمومي. واستشهد في هذا السياق بالخطاب الملكي الأخير، الذي دعا إلى تجاوز “مغرب بسرعتين”، متسائلاً: “أليس من الأجدر تحويل ميزانية هذه التوسعة إلى شوارع تمارة أو سلا التي مازالت تعيش في قرن آخر؟”.

الانتقادات التي رافقت هذا الملف تعكس أزمة أعمق في تدبير الشأن المحلي بالعاصمة، وتطرح أسئلة مشروعة حول عدالة تعويضات نزع الملكية ومدى انسجام المشاريع الحضرية مع الحاجيات الفعلية للساكنة، في ظل غياب رؤية شاملة ومتكاملة للتهيئة.

المقال التالي