آخر الأخبار

حوار: براهمة لـ”مغرب تايمز”: الولايات المتحدة الأمريكية متورطة وحقوق الإنسان بالمغرب تستدعي إصلاحات عاجلة

رغم ما تضمنه التقرير الأخير للخارجية الأمريكية حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2024، والذي سجل استمرار الاعتقالات التعسفية وتقييد حرية التعبير والصحافة، إلى جانب تفشي ظواهر مثل تزويج القاصرات والاشتغال الواسع في القطاع غير المهيكل، ما زالت الأسئلة مطروحة حول مدى التزام الدولة المغربية باحترام حقوق الإنسان وتحسين أوضاع الحريات.

في هذا السياق، أجرى موقع مغرب تايمز حواراً مع المحامية سعاد براهمة، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهي أكبر جمعية حقوقية في المغرب، لتقديم تقييمها للواقع الحقوقي بالمملكة في ضوء التقرير الأمريكي وما تضمنه من ملاحظات وانتقادات.

مغرب تايمز: التقرير الأخير للخارجية الأمريكية أشار إلى أن حرية الصحافة والتعبير ما زالت مقيدة، خاصة مع المحاكمات المرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي. كيف تقيّمون واقع حرية التعبير في المغرب اليوم؟

براهمة: بالنسبة لي، لا أعطي وزناً كبيراً لتقارير الخارجية الأمريكية، لأن الولايات المتحدة نفسها متورطة في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وعلى رأسها ما يحدث في غزة من إبادة جماعية بتمويل ودعم أمريكي. لكن بعيداً عن ذلك، لا يمكن إنكار أن واقع الحريات في المغرب “يعرف تراجعاً”. حرية التعبير تواجه قيوداً واسعة، حيث يُتابع الصحفيون والمدونون والناشطون بسبب آرائهم الناقدة، وتصدر في حقهم أحكام ثقيلة بتهم جاهزة من قبيل “إهانة مؤسسة دستورية” أو “نشر أخبار زائفة”. حتى الحق في التنظيم والاحتجاج يواجه تضييقاً ممنهجاً، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان مثال واضح حيث تُحرم فروعها من وصولات الإيداع القانونية.

مغرب تايمز: قضايا مثل حراك الريف و”كديم إزيك” ما زالت حاضرة بقوة في التقارير الدولية. في رأيكم، ما السبيل لمعالجة هذه الملفات العالقة؟

براهمة: للأسف الدولة اختارت نهج الانتقام بدل الحل العادل. معتقلو الريف مثلاً قضوا سنوات طويلة خلف القضبان رغم الظروف الإنسانية الصعبة لعائلاتهم. أما معتقلي كديم إزيك، فبعضهم يُحرم حتى من الزيارة العائلية. السبيل الوحيد هو الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين وطي هذه الملفات بما يحفظ الكرامة ويعيد الثقة في العدالة.

مغرب تايمز: التقرير رصد أن أزيد من ثلثي اليد العاملة تشتغل في القطاع غير المهيكل، ما يضعف الحماية الاجتماعية. من منظور حقوقي، كيف ترون انعكاس هذا الواقع على كرامة المواطن وحقه في العيش الكريم؟

براهمة: هذا الوضع يعكس هشاشة اجتماعية خطيرة. ملايين المغاربة يشتغلون دون ضمان اجتماعي أو حقوق نقابية، وغالباً تحت رحمة شركات الوساطة التي تستغلهم. حتى الحق النقابي يواجه تضييقاً بالطرد والتسريح. النتيجة أن كرامة العامل تُداس، والحق في العيش الكريم يصبح مجرد شعار.

مغرب تايمز: رغم الحملات الرسمية، سجّل التقرير استمرار تزويج آلاف القاصرات خلال نصف سنة فقط. كيف تفسرون استمرار هذه الظاهرة؟ وهل تعتبرون أن هناك تقصيراً من الدولة في حماية حقوق الطفلات؟

براهمة: القوانين نفسها تسمح بالتحايل، خصوصاً عبر الاستثناءات القضائية التي تُبقي الباب مفتوحاً لزواج القاصرات. الدولة اكتفت بحملات توعية شكلية ولم تُجر إصلاحاً جذرياً لمدونة الأسرة. النتيجة أن آلاف الطفلات يجدن أنفسهن في زيجات قسرية تحرمهن من طفولتهن وتعليمهن.

مغرب تايمز: في ما يخص وضعية اللاجئين، أشار التقرير إلى وجود بطء كبير في تسوية أوضاعهم القانونية، ما يحرم الكثير منهم من بطائق التعريف. كيف تقيمون تعامل المغرب مع ملف اللجوء من زاوية إنسانية وحقوقية؟

براهمة: الملف يسير ببطء شديد، ما يجعل آلاف اللاجئين في وضعية هشاشة قصوى، دون أوراق قانونية أو إمكانية للاندماج. هذا يحرمهم من حقوق أساسية مثل التعليم والصحة والعمل. المغرب مطالب بالالتزام بتعهداته الدولية وضمان حقوق اللاجئين بشكل فعلي.

في ختام هذا الحوار، شددت سعاد براهمة على أن الوضع الحقوقي في المغرب يشهد تراجعاً مستمراً، مؤكدة أن أي إصلاح حقيقي يتطلب:

  1. الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين، وطي الملفات الحقوقية العالقة بما يحفظ الكرامة ويعيد الثقة في العدالة.
  2. إصلاحات قانونية عاجلة، تشمل مدونة الأسرة والقوانين الجنائية، لضمان حماية فعلية لحرية التعبير وحقوق النساء والأطفال واللاجئين.

-بقلم: يوسف المالكي

المقال التالي