تأخر التعاقدات يضعف أثر المشاريع ذات الأولوية في الجهات النائية

كشف تقرير حديث عن وجود صعوبات هيكلية في تنفيذ عقود البرامج بين الدولة والجهات، حيث لم يتم إبرام سوى نصف الاتفاقيات المقررة بعد سنتين من دخولها حيز التنفيذ، رغم النص على إتمامها خلال ثلاثة أشهر.
وأوضح التقرير أن هذا التأخر انعكس على تقدم المشاريع ذات الأولوية، إذ لم تتجاوز نسبة الإنجاز 9% سنة 2024، في تناقض مع الطابع الاستعجالي للعقود.
وأرجع التقرير الصادر عن المعهد المغربي لتحليل السياسات هذا الوضع إلى تأخر مأسسة التعاقدات بين الدولة والجماعات الترابية، وتعقيد مساطر التأشير والرقابة الإدارية، وضعف وعي بعض القطاعات الوزارية بأهمية التعاقد، بالإضافة إلى التأخر في تعيين رؤساء التمثيليات الإدارية وضعف التنسيق مع المجالس الجهوية.
وأشار التقرير إلى أن عقود البرامج، رغم هدفها الحد من الفوارق المجالية، لم تحقق النتائج المرجوة، حيث استمرت الفجوة التنموية بين الجهات النافعة ذات النمو السريع والجهات غير النافعة، فيما يتركز تنفيذ المشاريع غالبًا في مراكز الجهات على حساب الأقاليم الهامشية، ما يعيد إنتاج المركزية الجهوية ويحد من التوزيع العادل للاستثمارات.
وأضاف التقرير أن الإنفاق الاستثماري للجهات ارتفع من 2.19 إلى 8.27 مليار درهم، ما عزز مساهمة بعض الجهات الضعيفة في الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن مساهمة الجهات في الاستثمار العام ما زالت محدودة، ولم تتجاوز 4% في 2022 مقارنة بـ1% في 2016، ما يستدعي توجيه عقود البرامج نحو مشاريع استثمارية تحقق الثروة بشكل أكبر.
كما شدد التقرير على غياب إطار مرجعي واضح لحكامة العقود، مما قد يمنح السلطة المركزية تأثيرًا زائدًا على القرار الجهوي، مشيرًا إلى تجربة فرنسا التي أدت فيها آلية التعاقد إلى تعزيز سيطرة الدولة على حساب أولويات الجهات.
واختتم التقرير بتوصيات لتعزيز الاستقلال الإداري والمالي للجهات، عبر منحها اختصاصات حصرية وتوسيع صلاحياتها الذاتية، وتسريع نقل الاختصاصات المشتركة، إلى جانب التأطير التشريعي لمسار التعاقد بين الدولة والجهات وتحديد أدوار ومسؤوليات الأطراف، مع ضمان إشراك المجالس الجهوية فعليًا لضمان توازن بين أولويات السياسات العمومية والخصوصيات الترابية، وتعزيز التنسيق المحلي على غرار التجربة الفرنسية.
تعليقات