آخر الأخبار

الرميد لـ”مغرب تايمز”: المسطرة الجنائية أكثر ارتباطاً بالحقوق والحريات ويجب عرضها على المحكمة الدستورية

بعد قرار المحكمة الدستورية إسقاط عدد من مقتضيات قانون المسطرة المدنية، تعالت أصوات حقوقية تطالب بإحالة قانون المسطرة الجنائية على نفس المسار الرقابي، نظراً لما يتضمنه من مواد مثيرة للجدل، خصوصاً تلك التي تقيد دور الجمعيات في رفع دعاوى مرتبطة بقضايا الفساد. هذه الدعوات تأتي في ظل انتقادات واسعة للمصادقة النهائية على القانون، التي اعتبرها فاعلون حقوقيون “هدية للوبيات الفساد وتشجيعاً على الإفلات من العقاب”.

في هذا الصدد، قال مصطفى الرميد، وزير العدل السابق، في حوار مع “مغرب تايمز”: “قانون المسطرة الجنائية أكثر ارتباطاً بالحقوق والحريات من قانون المسطرة المدنية، وكان من الأجدر أن يُعرض هو الآخر على المحكمة الدستورية،و ما زالت هناك مقتضيات مثار جدل داخل الأوساط الحقوقية والقانونية، ولا يمكن تجاهل أثرها على ضمانات المحاكمة العادلة”. وأوضح الرميد أن جوهر موقفه يقوم على أن أي نص قانوني يمس مباشرة حرية الأفراد وحقوقهم الأساسية، لا بد أن يخضع لرقابة المحكمة الدستورية، حتى يُضمن انسجامه مع مقتضيات الدستور والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.

الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، من جهتها، عبرت في بلاغ لمكتبها المركزي عن انتظارها إحالة مشاريع القوانين، وفي مقدمتها المسطرة الجنائية، على المحكمة الدستورية، مؤكدة وضع خطة للترافع من أجل هذا المطلب. الجمعية رحبت بقرار المحكمة بخصوص المسطرة المدنية، لكنها شددت على أن المراجعة يجب أن تشمل ملاءمة القوانين مع التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان، وليس فقط مع مقتضيات الدستور.

كما توقف البلاغ عند تزايد قضايا الفساد في الآونة الأخيرة، واستحضار ملفات بارزة مثل قضية البرلماني المعتقل رشيد الفايق بفاس، التي تكشف –حسب الجمعية– عن عمق انتشار الفساد الانتخابي، وهو ما يستدعي قوانين إجرائية أكثر صرامة وشفافية، بدلاً من تضييق دور الجمعيات في محاربته.

أما تحالف ربيع الكرامة، فقد وصف قرار المحكمة الدستورية بشأن المسطرة المدنية بـ”التاريخي”، لكنه انتقد استمرار قانون المسطرة الجنائية في تكريس نفس الفلسفة التمييزية، مبرزاً أن مواده، وخاصة المادتين 3 و7، تقصي الجمعيات النسائية والحقوقية من لعب دورها في دعم الضحايا وفضح مرتكبي الجرائم، خصوصاً في قضايا العنف القائم على النوع.

وأشار التحالف إلى أن القانون أبقى على قيود تحد من وصول الضحايا للعدالة، ولم يضع ضمانات كافية لحمايتهم أو حماية الشهود، ما يثني كثيرين عن متابعة قضاياهم خوفاً من الانتقام أو الوصم. كما سجل غياب أي تنصيص فعلي على حماية النساء والفتيات، وهو ما يتناقض مع أهداف المغرب الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز بحلول 2030.

وأضاف التحالف أن هذه الاختلالات ليست تفصيلات تقنية، بل مساس مباشر بالدستور وبالتزامات المغرب، ما يؤدي إلى تقويض الثقة في القضاء وتحقيق العدالة. ودعا المحكمة الدستورية إلى ممارسة رقابة استباقية على قانون المسطرة الجنائية، وحذف كل المقتضيات التي تهدد المساواة وحماية الضحايا.

واختتم التحالف موقفه بالتأكيد على أن الإصلاح التشريعي لا يكتمل بإسقاط مواد من المسطرة المدنية فقط، بل بملاءمة كافة القوانين الإجرائية مع المعايير الدولية، وضمان عدالة لا تُقصي أحداً وتحمي كرامة المواطنين والمواطنات على حد سواء.

المقال التالي