ملف حقوق الإنسان واستعمال المال يحرج حكومة أخنوش أمام الخارجية الأمريكية

كشف تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول أوضاع حقوق الإنسان في المغرب لعام 2024 عن استمرار ما وصفه بـ”المشكلات الحقوقية البارزة” دون تغييرات جوهرية في العام المنصرم، وذلك في ظل حكومة يقودها رئيس الوزراء عزيز أخنوش. التقرير سجل استمرار قضايا التعذيب وسوء المعاملة والاعتقال التعسفي، إلى جانب قيود واسعة على حرية التعبير والصحافة.
وأشار التقرير إلى أن الإطار الدستوري والقانوني المغربي يضمن حرية التعبير والصحافة، لكنه يقيدها في ملفات تعتبر “حساسة”، تشمل انتقاد الإسلام أو الملكية أو الموقف الرسمي من قضية الصحراء. هذه القيود، بحسب التقرير، صاحبتها إجراءات عملية تمثلت في متابعة صحفيين ونشطاء قضائياً، وفرض ضغوط مالية وقانونية على المؤسسات الإعلامية.
وأكد التقرير أن السلطات لجأت إلى آليات مختلفة للتضييق على الصحافة، منها اشتراط الاعتماد المسبق، ومنع بعض اللقاءات بين الصحفيين الأجانب والنشطاء المحليين، إلى جانب توسع في الرقابة الرقمية واستخدام التكنولوجيا لتعقب المعارضين. هذه الممارسات اعتبرها التقرير مؤشراً على “تآكل حرية الإنترنت” وزيادة الرقابة الذاتية لدى الصحفيين.
وفي ما يتعلق بحرية العمل النقابي، سجل التقرير أن القانون المغربي يقر بحق الإضراب وتأسيس النقابات، لكنه يفرض قيوداً على بعض الفئات، ويمنح الحكومة صلاحيات واسعة لحل أو حلحلة الإضرابات. كما أشار إلى استمرار لجوء بعض أرباب العمل إلى تحديد الأجور من جانب واحد، وضعف فعالية أجهزة التفتيش العمالي بسبب محدودية الموارد.
على مستوى ظروف العمل، بيّن التقرير أن الحد الأدنى للأجور يفوق خط الفقر الرسمي، لكن تطبيق القوانين المنظمة لظروف العمل والسلامة المهنية ما يزال غير فعّال، خاصة في القطاع غير المهيكل الذي يشمل أكثر من ثلثي القوة العاملة. كما أوضح أن عدد مفتشي العمل لم يتغير منذ أكثر من عقدين، مما يحد من قدرة الدولة على فرض الامتثال.
وفي باب الاعتقال التعسفي، سجل التقرير وجود حالات موثقة من الاحتجاز دون احترام للآجال القانونية، خاصة في القضايا ذات الطابع السياسي أو المرتبطة بالنزاع في الصحراء. وأشار إلى أن بعض المعتقلين، مثل ناصر الزفزافي، ما زالوا رهن الاحتجاز منذ سنوات، رغم توصيات أممية بالإفراج عنهم.
التقرير خصص حيزاً للحديث عن التعذيب وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز، موثقاً ست شكايات خلال النصف الأول من السنة، منها ما أدى إلى محاكمة مسؤولين أمنيين. ورغم ذلك، أكد التقرير أن الشفافية في التحقيقات تبقى محدودة، وأن العقوبات الصادرة غالباً ما تكون غير رادعة.
كما تطرق التقرير إلى استمرار ظاهرة زواج القاصرات، مسجلاً أكثر من 3,900 حالة وافق عليها القضاء خلال النصف الأول من العام، رغم حملات التوعية الرسمية. واعتبر أن هذا المؤشر يعكس تحديات اجتماعية وقانونية في حماية الطفلات من الاستغلال.
وفي ما يخص اللاجئين، أشار التقرير إلى تعاون الحكومة مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، لكنه لفت إلى بطء إجراءات منح بطاقات الإقامة، ما يترك آلاف اللاجئين في وضعية غير مستقرة. كما تحدث عن استمرار القيود على عودة اللاجئين الصحراويين ما لم يعترفوا بسيادة المغرب على الصحراء.
وختم التقرير بالتنبيه إلى استمرار تقارير عن مراقبة النشطاء في الخارج وممارسة ضغوط على المعارضين في الشتات، وهي ممارسات صنفها ضمن “القمع العابر للحدود”. ويرى مراقبون أن هذه الخلاصات، وإن لم تذكر أسماء مسؤولين، فإنها تضع حكومة أخنوش في دائرة المساءلة السياسية عن سجل حقوق الإنسان خلال فترة توليها السلطة.
تعليقات