آخر الأخبار

من مدريد إلى إسطنبول: النيران والحرارة الشديدة تجتاح القارة العجوز

تشهد عدة دول أوروبية في الأيام الأخيرة أوضاعًا مناخية استثنائية، إذ اجتمعت موجات حر قياسية مع اندلاع حرائق واسعة النطاق، ما أدى إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة، واستنفار غير مسبوق لفرق الإنقاذ؛ ففي إسبانيا، التهمت النيران مساحات واسعة من الغطاء النباتي والمناطق السكنية في مدينة تريس كانتوس بضواحي مدريد، فيما تكافح فرنسا وبلدان البلقان وتركيا للتصدي لحرائق اندلعت تحت وطأة درجات حرارة غير مسبوقة.

في تريس كانتوس، اندلع حريق هائل مساء الاثنين في منطقة غير مبنية، ليتحول خلال ساعتين إلى كارثة بسبب الأعشاب الجافة والرياح العاتية التي دفعت النيران لقطع ستة كيلومترات في 40 دقيقة.

وأجبرت سرعة انتشار الحريق السلطات على إجلاء مئات العائلات من أحياء قريبة، فيما طالت ألسنة اللهب مطاعم ومراكز فروسية ومدارس، وألحقت أضرارًا بمحمية لحماية الحمير، ونفقت عشرات الأغنام؛ وسجلت حالة وفاة لشخص أصيب بحروق في 98% من جسده، في حين بقيت المخاطر قائمة على المنازل والبنية التحتية ومحطات الكهرباء والمناطق الصناعية التي شهدت انفجارات نتيجة وصول النيران إليها.

ومع ساعات الفجر، تمكنت فرق الإطفاء من محاصرة الحريق، رغم بقائه خارج السيطرة الكاملة.

في الوقت نفسه، تعاني فرنسا من موجة حر شديدة دفعت السلطات إلى رفع حالة التأهب الحمراء في عدة مناطق جنوبية، مع تسجيل أرقام قياسية لدرجات الحرارة بلغت 42.1 درجة مئوية في بيرجيـراك وأنغوليم، و41.6 في بوردو. وامتدت الموجة الحارة نحو الشمال والشمال الشرقي، فيما حذرت الأرصاد من بقاء درجات الحرارة الليلية مرتفعة بشكل استثنائي، وصلت في كورسيكا إلى 30 درجة مئوية عند السادسة صباحًا.

ورافقت موجة الحر في فرنسا حرائق في بعض المناطق، كما هو الحال في إسبانيا وألبانيا وتركيا، إذ تسببت الظروف المناخية في اشتعال النيران بمواقع حساسة، منها موقع “لاس مدولاس” الإسباني المصنف ضمن التراث العالمي لليونسكو. وقد دفعت هذه الظروف السلطات الفرنسية إلى فرض قيود على الفعاليات العامة، وإلغاء الأنشطة الخارجية للأطفال، مع استمرار الإنذار البرتقالي في عدد من المناطق بعد رفع التأهب الأحمر.

في مواجهة هذا الوضع، أطلقت وزارة الصحة الفرنسية رقمًا أخضر لتقديم النصائح والإرشادات للسكان، تشمل شرب المياه بانتظام، ترطيب الجسم، تجنب النشاط البدني المفرط، إغلاق النوافذ خلال ذروة الحرارة، والابتعاد عن المشروبات الكحولية. كما تواصل فرق الإطفاء ووحدات الطوارئ العسكرية في إسبانيا وفرنسا وبقية الدول المتضررة جهودها لاحتواء الحرائق، وسط مخاوف من استمرار المخاطر مع بقاء درجات الحرارة المرتفعة والرياح القوية.

المقال التالي