آخر الأخبار

برامج التجسس على الصحفيين بذريعة “المصلحة العامة”.. جدل حول القانون الجديد لحرية الإعلام الأوروبي

دخل “قانون حرية الإعلام” حيز التنفيذ في الاتحاد الأوروبي الجمعة، وسط إشادة أوروبية بوصفه خطوة مفصلية لتعزيز حرية الصحافة واستقلالها. لكن هذه الخطوة، التي حظيت بترحيب رسمي واسع، أثارت في المقابل جدلاً بين المدافعين عن الحريات المدنية، الذين حذروا من أن بعض بنود القانون قد تُستغل لتقييد حرية الإعلام بدلاً من حمايتها.

المادة الرابعة من القانون، الموجهة أساساً للحد من المراقبة الحكومية، تحمل ثغرات مقلقة وفق مراقبين، إذ تسمح باستخدام “برامج مراقبة تدخلية” مثل برمجيات التجسس ضد الصحفيين والنشطاء وأعضاء المجتمع المدني، شريطة أن تُبرر هذه الإجراءات بـ”سبب رئيسي للمصلحة العامة”.

وتسمح هذه المادة بالمراقبة إذا تمت وفق قوانين الاتحاد الأوروبي أو التشريعات الوطنية، وبعد موافقة سلطة قضائية مستقلة، أو حتى بأثر رجعي في الحالات الطارئة. كما تشترط أن تكون هذه المراقبة “محددة ومتناسبة”، وأن تُستخدم فقط حين تثبت محدودية الوسائل الأخرى.

غير أن المخاوف تتصاعد بسبب الصياغات الفضفاضة التي يتضمنها النص، إذ يمكن إدراج ما يعرف بـ”الجرائم الخطيرة” ضمن مبررات المراقبة، بما في ذلك قضايا مثل “العنصرية وكراهية الأجانب” كما يحددها القانون الألماني، حيث تصل عقوبة “التحريض على الكراهية” إلى خمس سنوات سجناً. ويخشى منتقدون أن يؤدي هذا الإطار القانوني الواسع إلى استهداف الصحفيين أو المعارضين السياسيين، إذا وُجدت المبررات القانونية لذلك.

ويرى المدافعون عن حرية الصحافة أن التعبيرات المبهمة، مثل “المصلحة العامة” أو “الجرائم الخطيرة” أو الحالات “العاجلة”، تمنح الحكومات الوطنية سلطة تقديرية واسعة قد تُستغل لمراقبة الإعلاميين والمبلغين عن المخالفات، تحت غطاء قانوني يبدو مشروعاً ظاهرياً.

وبينما يهدف القانون، في ظاهره، إلى تعزيز الشفافية وضمان استقلالية الصحافة، يحذر خبراء من أنه قد يشكل في التطبيق العملي “باباً خلفياً” لتقويض الحرية الإعلامية، خاصة إذا غابت الضمانات الصارمة لمنع إساءة استخدام أدوات المراقبة.

القانون أُقر في البرلمان والمجلس الأوروبيين خلال فبراير 2024، على أن يدخل حيز التنفيذ تدريجياً منذ ماي 2024، مع بدء تطبيق أحكامه الرئيسية اعتباراً من 8 غشت 2025. وبينما يواصل الاتحاد الأوروبي تقديمه كنموذج لحماية الإعلام، يصر ناشطون ومنظمات حقوقية على أن التجربة الفعلية وحدها ستكشف إن كان سيُحصن الحريات… أم سيقيدها.

المقال التالي