آخر الأخبار

المرتبة الخامسة في “فوربس”.. إنجاز إعلامي للوزيرة عمور يواجه واقعاً سياحياً متعثرًا

في أحدث تصنيف لمجلة “فوربس الشرق الأوسط”، حجزت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، موقعها في المرتبة الخامسة ضمن قائمة أقوى 100 شخصية قيادية في السياحة والسفر بالشرق الأوسط لعام 2025، في خطوة روجت لها الوزارة كدليل على “الريادة” المغربية في القطاع.

التقرير احتفى بإنجازات الوزارة منذ تعيين عمور في أكتوبر 2021، وعلى رأسها تسجيل المغرب سنة 2024 ما يقارب 17.4 مليون وافد، وتحقيق عائدات قياسية بلغت 11.2 مليار دولار، إلى جانب إطلاق برامج ومبادرات مثل “Go Siyaha” و”Cap Hospitality” وبنك المشاريع السياحية.

غير أن هذه الصورة اللامعة، التي تنسجم مع خطاب بنعلي حول “الإقلاع السياحي”، تصطدم بمعطيات ميدانية تكشف عن تحديات بنيوية لم تُعالج بعد، وهو ما يظهر جلياً في أرقام موسم عودة الجالية صيف 2025، والتي أوردتها جريدة “مغرب تايمز”.

فخلال الفترة من 10 يونيو إلى 4 غشت، استقبل المغرب 2.789.197 من أفراد الجالية، بزيادة نسبتها 10,37% عن 2024، لكن التوزيع الزمني يُظهر تباطؤاً لافتاً بعد الأسابيع الأولى، حيث تراجع النمو من 13,3% في النصف الأول من الموسم إلى 7,05% في النصف الثاني.

هذا التباطؤ يثير تساؤلات حول جودة الاستقبال والبنيات التحتية والخدمات في فترات الذروة، وهي جوانب لا تقل أهمية عن أرقام الوافدين التي تحتفي بها الوزارة. فالحملات الترويجية وحدها لا تكفي إذا كانت تجربة الزائر تصطدم بالاكتظاظ، ضعف التنسيق، أو ارتفاع تكاليف النقل.

الأخطر، أن الأرقام أظهرت مؤشراً مالياً مقلقاً: تراجع التحويلات المالية للجالية بنسبة 2,6% خلال النصف الأول من 2025، أي ما يعادل خسارة تفوق 1,4 مليار درهم مقارنة بالعام السابق، وهو أول انخفاض بعد ثلاث سنوات من الارتفاع المستمر.

هذا التراجع المالي، الذي لم يرد في خطاب الوزارة أو تصريحات بنعلي، يسلط الضوء على هشاشة العلاقة الاقتصادية مع الجالية، في وقت يُفترض أن تكون فيه هذه التحويلات رافداً أساسياً لدعم الاقتصاد والسياحة على السواء.

وبينما تُشيد “فوربس” ببرامج الاستثمار السياحي، تتجاهل المؤشرات التي ترصد ضعف مردودية بعض المشاريع على المستوى المحلي، خاصة في المناطق الأقل استفادة من التدفقات السياحية، حيث لا يزال الإقصاء المجالي وضعف البنية الفندقية واقعاً ملموساً.

الملاحظ أن الخطاب الرسمي يركز على الجوائز والتصنيفات الدولية لإبراز النجاح، لكنه يتفادى النقاش حول الاستدامة، التوزيع العادل للعوائد، ومعالجة الاختلالات البنيوية في القطاع، وهي ملفات لا يمكن لصور التتويج الإعلامي أن تغطيها.

إذا أراد المغرب فعلاً أن يحافظ على مكانته كوجهة عالمية، فعليه أن يوازن بين الإنجاز الإعلامي والعمل الميداني، وأن يتعامل مع مؤشرات التباطؤ وتراجع التحويلات كإنذار جدي، لا كرقم عابر، وأن يربط التخطيط السياحي بسياسات اجتماعية واقتصادية تضمن استفادة أوسع للمواطنين، لا الاكتفاء بإضافة أسماء لمسؤولين في قوائم “الأقوياء”.

-يوسف المالكي

المقال التالي