آخر الأخبار

“أحزاب صورية”.. تقرير يفضح غياب البرامج وضعف التأثير داخل المشهد الحزبي

في تقرير استشرافي صدر عن مركز المؤشر للدراسات والأبحاث، مساء الاثنين، تم التحذير من تفاقم ظاهرة ما وصفته الدراسة بـ”الأحزاب الصورية” في المشهد السياسي المغربي، معتبرة أن انتشار هذا النمط من التنظيمات يفرغ التعددية الحزبية من مضمونها، ويعطل الدور الدستوري للأحزاب في التأطير السياسي وصناعة البدائل.

الدراسة، المعنونة بـ”من الانحباس السياسي إلى سيناريوهات ما بعد 2026″، أوضحت أن النظام الديمقراطي لا يقوم على كثرة عددية لأحزاب غائبة عن الممارسة السياسية الفعلية، بل على قوى حقيقية قادرة على الاشتباك مع قضايا المواطنين، وإنتاج النخب، وممارسة الرقابة، والمساهمة في البناء الوطني.

وأبرزت أن عدداً كبيراً من هذه التشكيلات مجهولة لدى الرأي العام من حيث قياداتها ومواقفها، وأن حضورها يظل موسمياً مرتبطاً بمحطات الاقتراع، قبل أن تدخل في فترات طويلة من الجمود. كما رصدت أن بعض هذه الأحزاب يلعب أدواراً وظيفية، توظف أحياناً لاستكمال صورة تعددية شكلية أو لتفتيت الكتل الانتخابية، أو حتى لدعم أطراف سياسية معينة عبر تحالفات أو انسحابات محسوبة.

وأشار التقرير إلى معاناة هذه الأحزاب من ضعف في الكفاءات، وشح في التمويل، وغياب مشاريع سياسية واضحة، فضلاً عن ضعف تجذرها المجتمعي وهيمنة البنية الشخصانية للقيادة، ما يجعل قدرتها على التأثير أو التجديد شبه منعدمة. كما لفت إلى أن محاولات توحيد قوى اليسار الجذري في صيغ اتحادية انتهت إلى التفكك بسبب صراعات الزعامة وتباين المرجعيات.

وأكدت الدراسة أن استمرار هذه التشكيلات في الخريطة السياسية لا يبرر مشروعيتها الديمقراطية، داعية إلى مراجعة قوانين تأسيس الأحزاب وضبط معايير تمويلها، وربط التمثيلية السياسية بمدى الجدية والفاعلية، بما يضمن تعددية قائمة على البرامج والمشاريع لا على الوجود القانوني الشكلي.

وشددت على أن إصلاح النظام الحزبي يمثل خطوة أساسية نحو إعادة هيكلة الحقل السياسي، للانتقال من تعددية شكلية تفتقر للتأثير إلى قوى سياسية محدودة العدد، لكنها قادرة على المبادرة والفعل.

وحذرت الدراسة من أن إعادة إنتاج المنظومة الحزبية الحالية، دون عملية غربلة حقيقية، سيؤدي إلى تعميق أزمة الثقة الشعبية في السياسة، ويضعف قدرة المؤسسات المنتخبة على التصدي للتحديات الاقتصادية والاجتماعية المتصاعدة.

واختتمت بأن المغرب في حاجة ماسة إلى أحزاب ذات حضور حقيقي، قادرة على بناء تعاقد سياسي جديد مع المجتمع، بما يواكب رهانات المرحلة المقبلة ويستجيب لانتظارات المواطنين.

المقال التالي