الصحافة الفرنسية تفضح تراجع الجزائر وصعود المغرب في معادلة الساحل الافريقي

في وقت تواصل فيه الجزائر محاولات متعثرة للوساطة بين مالي والنيجر، يحقق المغرب خطوات استراتيجية متقدمة نحو تعزيز حضوره في منطقة الساحل، وفق ما كشفه تحليل لفرانسوا سودان، مدير تحرير مجلة “جون أفريك”، في تصريحات لإذاعة “RFI”.
وأوضح سودان أن الرباط تتحرك وفق مشروع شامل للتأثير، منظم ودقيق، يجمع بين الاقتصاد والدين والأمن، في إطار ما أسماه بـ”الاستراتيجية الأطلسية” التي ترمي إلى ربط دول الساحل غير الساحلية بالمحيط الأطلسي.
ويصف هذا التوجه بأنه قد يبدو في بدايته”رهانا طموحا”، لكنه ذو معنى كبير على الصعيد الجيوسياسي، إذ يمنح المغرب دورًا محوريًا كحلقة وصل بين تحالف دول الساحل الثلاث (AES) وأوروبا والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس).
في المقابل، يرى سودان أن الدبلوماسية الجزائرية تعاني من “تراجع حاد” في نفوذها، بعد أن فقدت موقعها كوسيط رئيسي في المنطقة؛ فمحاولات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أواخر يوليوز، للتوسط بين باماكو والمتمردين الطوارق لم تلقَ أي تجاوب، إذ ترفض السلطات المالية أي تدخل أجنبي في شؤونها الداخلية، خاصة من الجزائر التي تتهمها بإيواء قادة التمرد وبعض الشخصيات المؤثرة مثل الإمام ديكو.
وأشار التحليل إلى أن هذا الرفض يعكس خلافًا جوهريًا في الرؤى؛ فالجزائر – على حد تعبيره – تسعى إلى استرضاء الطوارق الماليين خشية انتقال النزاع إلى أراضيها الغنية بالبنى التحتية النفطية والغازية، بينما ينظر المغرب إلى الساحل كفرصة للتكامل الاقتصادي والانفتاح، لا كمنطقة عازلة أمنية.
وأضاف سودان أن خسائر الجزائر في الساحل واضحة من خلال انسحاب مالي من “اتفاق الجزائر” في يناير 2024، ورفض نيامي في أكتوبر 2023 لمبادرتها بشأن مرحلة انتقالية مدنية، وهو ما يعكس فقدانها للثقة الإقليمية.
كما أشار إلى أن أكثر من عقد من الانكفاء على الذات، بين مرض الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة والاحتجاجات الشعبية، جمد الرؤية الجزائرية للساحل في إطار أمني ضيق، بدل الاستثمار في أفق اقتصادي أوسع.
وبينما تتعثر الجزائر وسط اتهاماتها ل”قوى أجنبية معادية”، يواصل المغرب رسم ملامح حضور إقليمي متصاعد، يمزج بين الطموح الاقتصادي والانخراط الدبلوماسي، ليصبح لاعبًا لا يمكن تجاوزه في معادلة الساحل.
تعليقات