تحالفات هشة وصراعات.. “مركز بحثي” يحذر من “بلوكاج حكومي” يهدد المغرب بعد إستحقاقات 2026

أصدر مركز المؤشر للدراسات والأبحاث تقريراً استشرافياً حذّر فيه من احتمال وقوع “بلوكاج حكومي” بعد الانتخابات التشريعية المقررة في 2026، إذا لم تتمخض صناديق الاقتراع عن أغلبية واضحة. واعتبر التقرير أن هذا الاستحقاق يشكل لحظة سياسية فاصلة قد تعيد تشكيل الخريطة الحزبية في المغرب، وسط توازنات هشة ومشهد انتخابي معقد.
التقرير، الذي قاده الدكتور محسن الأجرومي بتنسيق مع الباحث عزيز الحيان تحت عنوان “من الانحباس السياسي إلى سيناريوهات ما بعد 2026″، يرى أن الانتخابات المقبلة لن تكون مجرد اختبار لشعبية الأحزاب، بل امتحان لثقة المواطنين في جدوى المشاركة السياسية وقدرة المؤسسات على إحداث تغيير ملموس.
وتوقف التحليل عند التحولات التي عرفها المشهد السياسي منذ زلزال 8 شتنبر 2021، حين أطاح التصويت بحزب العدالة والتنمية بعد عقد من قيادة الحكومة، وأفرز تحالفاً ثلاثياً يقوده التجمع الوطني للأحرار إلى جانب الأصالة والمعاصرة والاستقلال، في حكومة ذات توجه اقتصادي ليبرالي وواجهة تكنوقراطية. وأشار التقرير إلى الجدل الدائر حول قدرة هذه التركيبة على الوفاء بوعودها وسط تحديات اقتصادية واجتماعية متقلبة.
بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، أشار التقرير إلى تمسكه بخطاب “نوستالجيا النقاء السياسي” تحت قيادة عبد الإله بنكيران، مع تجنب مراجعة نقدية شاملة لتجربة الحكم، ما جعل الحزب أسير صراع داخلي بين الشرعية الدعوية والبراغماتية السياسية، وهيمنة الزعيم على القرار التنظيمي.
أما التجمع الوطني للأحرار، فرغم تصدره انتخابات 2021، وُصف بأنه “حزب موارد” يعتمد على إمكانيات مالية وحضور إعلامي واسع، لكنه يفتقر إلى العمق السياسي والمؤسساتي، مما يجعله عرضة للتراجع إذا تغيرت موازين القوى.
وبشأن الأصالة والمعاصرة، أبرز التقرير مساعيه لبناء شرعية ميدانية مع طموح لقيادة انتخابات 2026، حتى مع احتمال ترؤس الحكومة من طرف فاطمة الزهراء المنصوري في سيناريو غير مسبوق، لكنه محفوف بعقبات ثقافية وبنيوية.
وحذّر التقرير من أن حزب الاستقلال مهدد بفقدان مكانته إذا استمر في الارتهان لشركاء التحالف، في ظل جمود خطابه السياسي وعدم تجديد نخبته. كما أشار إلى استمرار أزمة القيادة في الاتحاد الاشتراكي وتمديد ولاية إدريس لشكر، ما أضعف دوره كقوة معارضة، فيما حافظ التقدم والاشتراكية على موقع “المعارضة الرصينة” دون تأثير انتخابي ملموس.
واعتبرت الدراسة أن غالبية الأحزاب الصغيرة غائبة عن الدينامية السياسية، وأن بعضها يؤدي أدواراً وظيفية أكثر من تمثيل مشاريع مجتمعية حقيقية، ما يثير أسئلة حول مبرر استمرارها.
وختم التقرير بالتأكيد على أن انتخابات 2026 ستكون اختباراً حاسماً لقدرة الأحزاب على الانتقال من منطق الضرورة إلى منطق المشروع، وإعادة بناء التعاقد السياسي مع الناخبين، محذراً من أن غياب أغلبية مستقرة قد يعيد إنتاج سيناريوهات الانسداد السياسي التي عرفها المغرب سابقاً.
تعليقات