آخر الأخبار

تقرير “مغرب تايمز” يكشف الهوة بين دعايات الدعم الحكومي وارتفاع مديونية الأسر

كشفت الأرقام الرسمية الصادرة عن بنك المغرب الأمس، عن واقع اقتصادي مرير يعيشه المغاربة، حيث تجاوزت ديون الاستهلاك حاجز 162 مليار درهم مع نهاية عام 2024، مسجلة ارتفاعاً بنسبة 7.9% مقارنة بالعام السابق. ويُظهر التقرير الصادر عن بنك المغرب، وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، والهيئة المغربية لسوق الرساميل، أن الأسر المغربية لم تعد تلجأ إلى الاقتراض لشراء الكماليات، بل لسد احتياجاتها الأساسية في ظل تآكل القدرة الشرائية.

الاستدانة.. من الكماليات إلى الضروريات:

تحتل القروض الشخصية الصدارة بنسبة 69% من إجمالي الديون، تليها قروض السيارات بنسبة 17%، ثم قروض المعدات المنزلية بنسبة 12%. وتُظهر هذه التركيبة، وفقاً للمحللين، تحولاً خطيراً في طبيعة الاقتراض الذي أصبح وسيلة للبقاء، بدلاً من كونه خياراً لتحسين جودة الحياة.

كما شهدت آجال السداد تغيراً ملحوظاً، حيث تراجعت القروض طويلة الأجل (أكثر من 7 سنوات) إلى 43%، بينما ارتفعت القروض متوسطة الأجل (بين 5 و7 سنوات) إلى 38%، مما يُنذر بضغوط متزايدة على الأسر في ظل شروط سداد أكثر صرامة.

الدعم الحكومي.. بين الواقع والخطاب:

رغم الضجة الإعلامية المصاحبة لبرامج الدعم المباشر التي تروّج لها حكومة أخنوش، تُظهر الأرقام أن هذه المبادرات لم تُحدث تأثيراً ملموساً في تحسين الوضع المعيشي. فقد ظل النمو الاقتصادي متواضعاً عند 3.2%، بينما تجاوز الدين العام 76.4% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقاً للبيانات الرسمية.

ويؤكد الخبراء أن هذه الأرقام تعكس أزمة هيكلية، وليست مؤشراً على انتعاش، إذ يشير تحول الاقتراض إلى وسيلة للعيش إلى فشل السياسات في معالجة التفاوتات وضبط الأسعار. فالدعم الاجتماعي الحالي لا يعدو كونه مسكّناً مؤقتاً، وليس حلاً جذرياً.

مخاطر محدقة.. من الأسر إلى النظام المالي:

تتجاوز تداعيات هذه الأزمة الأسر لتطال القطاع المالي بأكمله، فقد بلغ معدل التعثر في السداد 8.8%. ورغم أنه أقل من نظيره في الجزائر (20%) وتونس (11%)، إلا أنه يظل مرتفعاً مقارنة بمستويات الدخل.

ويحذر الخبراء من أن استمرار هذا النمط قد يُقوّض الاستقرار المالي، خاصة مع تضاعف حجم القروض الاستهلاكية خلال العقد الأخير، إذ قفز من أقل من 90 مليار درهم إلى 162 مليار درهم حالياً.

نداءات للإصلاح.. قبل فوات الأوان:

يطالب الاقتصاديون بإعادة هيكلة السياسات العمومية من خلال:

توجيه القروض نحو المشاريع الإنتاجية الصغيرة والمتوسطة

تعزيز التثقيف المالي للمواطنين

فرض رقابة صارمة على سوق الائتمان

إخضاع برامج الدعم لتقييم مستقل لقياس فعاليتها

وفي الختام، فإن ارتفاع مديونية الأسر ليس سوى عرض لأزمة أعمق في الاقتصاد المغربي، الذي يعاني من غياب الرؤية الإصلاحية. فالقروض قد تؤجل الأزمات، لكنها لن تحلّها.

– بقلم يوسف المالكي

المقال التالي