آخر الأخبار

اليماني لـ”مغرب تايمز”: تحرير المحروقات كلف المغاربة 18 مليار درهم سنوياً

من المتوقع أن تسجّل أسعار المحروقات في المغرب استقرارًا نسبيًا خلال أول تحديث نصف شهري لشهر أغسطس 2025، بعد زيادتين متتاليتين عرفتهما الأسعار في بداية ومنتصف يوليو الماضي. وتفيد معطيات ميدانية بأن المهنيين يترقّبون إمكانية تعديل طفيف في أسعار الغازوال والبنزين، في انتظار الحسم من قبل شركات التوزيع، مع غياب أي إشعار رسمي حتى الآن.

تجدر الإشارة إلى أن يوم 15 يوليو 2025 شهد زيادة في سعر لتر الغازوال بلغت 20 سنتيمًا، بينما استقرت أسعار البنزين دون تغيير، في وقت اتسم بارتفاع موسمي في الطلب على المنتجات الطاقية، تزامنًا مع انطلاق موسم العطل الصيفية وتزايد التنقلات.

على الصعيد الدولي، تراجعت أسعار النفط، في سياق يتسم بترقب الأسواق لتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن فرض رسوم جمركية إضافية، وبحثه عن سبل لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وبحسب وكالة “رويترز”، فإن الزيادة غير المتوقعة في مخزونات الخام الأمريكية، التي أُعلن عنها يوم الأربعاء، ساهمت في الضغط السلبي على السوق، في وقت يتزامن مع ارتفاع تقليدي في الطلب على البنزين خلال هذه الفترة من السنة.

ووفق ما أوردته الوكالة نفسها، انخفضت العقود الآجلة لخام “برنت” تسليم سبتمبر إلى 72.63 دولارًا للبرميل، بينما تراجعت عقود “غرب تكساس الوسيط” إلى 69.32 دولارًا للبرميل، مما يعكس استمرار تقلبات السوق الدولية للنفط.

أما داخليًا، فقد كشف تقرير صادر عن مجلس المنافسة في نهاية يوليو 2025 أن قطاع المحروقات في المغرب واصل تحقيق أرباح مرتفعة خلال سنة 2024، رغم الاضطرابات الدولية في أسعار الطاقة. وأشار التقرير إلى أن السوق، الذي تهيمن عليه تسع شركات كبرى، سجّل رقم معاملات قدره 77.9 مليار درهم، بصافي أرباح بلغ 2.3 مليار درهم، أي بهامش ربح صافٍ يناهز 2.9%، ما يعادل 43 سنتيمًا في اللتر من الغازوال و61 سنتيمًا في اللتر من البنزين.

لكن هذه الأرقام كانت محل انتقاد من قبل فاعلين نقابيين وخبراء في مجال الطاقة. وفي هذا الصدد، صرّح الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز ورئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول، في حديث خص به موقع “مغرب تايمز”، أن أسعار الوقود في المغرب لا تعكس بشكل عادل التكاليف الحقيقية.

وأوضح اليماني أن “سعر لتر الغازوال في موانئ المملكة، خلال النصف الأول من أغسطس الجاري، لا يتجاوز 5.8 دراهم، وسعر البنزين 5.1 دراهم”، مضيفًا أنه بعد احتساب الضريبة ومصاريف التوزيع، لا ينبغي أن يتعدى سعر اللتر الواحد من الغازوال 9 دراهم، والبنزين 10 دراهم. غير أن الأسعار المعلنة في محطات الوقود، حسب قوله، تبلغ على الأقل 11.1 درهمًا للغازوال و12.9 درهمًا للبنزين، ما يشير إلى هامش ربح يبلغ 2.1 درهم للغازوال و2.9 درهم للبنزين، مقارنةً بما كان معمولًا به قبل تحرير السوق، حيث كانت الأرباح لا تتجاوز 0.6 و0.7 درهم على التوالي.

وأشار المتحدث إلى أن هذه الفروقات تبرز بوضوح أن سياسة تحرير أسعار المحروقات لم تحقق الأهداف المرجوة، بل أدت إلى رفع الأسعار بشكل كبير، مما يكلّف المستهلكين حوالي 18 مليار درهم سنويًا. وأكد أن هذه المعطيات “تُكذّب الأرقام المنشورة في التقارير الرسمية لمجلس المنافسة”، داعيًا إلى سحب هذا الملف من اختصاص المجلس وإسناده إلى وكالة وطنية لتقنين أسعار الطاقة، ريثما يتم تهيئة شروط المنافسة الحقيقية في السوق، بما في ذلك إحياء نشاط تكرير البترول بالمغرب.

وسط هذه المستجدات، لا يزال الجدل محتدمًا بشأن شفافية تسعير المحروقات وهوامش أرباح الفاعلين في القطاع، فيما ينتظر المواطنون أي خطوة فعلية نحو ضبط الأسعار وتوفير شروط عدالة طاقية أوسع.

-يوسف المالكي

المقال التالي