“176.9 مليار درهم” ضرائب .. حكومة أخنوش تُحصي المليارات، والمواطن يُعدّ الريالات

سجّلت المداخيل الجبائية، اليوم الأربعاء، في المغرب ارتفاعاً قياسياً بلغ 176.9 مليار درهم خلال النصف الأول من العام الجاري، بنسبة نمو بلغت 16.6% مقارنةً بالفترة نفسها من السنة الماضية. لكن خلف هذه الأرقام المبشّرة حكومياً، تختبئ حياة يومية تزداد ضيقاً على عموم المواطنين الذين يتحمّلون القسط الأكبر من هذه “الطفرة الضريبية”.
في مقدمة الضرائب التي شهدت قفزة ملحوظة، نجد الضريبة على الشركات، التي ارتفعت بنسبة 32.9%. ومع ذلك، تكشف المعطيات أن هذا النمو لا يعكس دينامية اقتصادية فعلية، بل جاء أساساً نتيجة تحصيل المتأخرات والغرامات، وليس بسبب ارتفاع الأرباح أو توسّع الاستثمارات.
أما الضريبة على الدخل، التي صعدت بنسبة 22.7%، فقد جاءت مدفوعة بحملات التسوية الطوعية، التي طالت بالأساس الموظفين والأجراء، في وقت تشهد فيه الأجور الحقيقية انكماشاً مستمراً بفعل التضخم وارتفاع كلفة المعيشة.
في الجانب الأكثر تأثيراً على حياة المواطنين، تظهر الضريبة على القيمة المضافة كأداة جباية قاسية، إذ ارتفعت عائداتها بـ 3.1 مليار درهم. ورغم طابعها غير العادل، نظراً لتأثيرها الأكبر على الفئات محدودة الدخل، تستمر الدولة في التعويل عليها بشكل مفرط، ما ينعكس مباشرة على أسعار المواد الأساسية.
وبينما تراجعت المداخيل الجمركية بـ 10.8%، في إشارة إلى تباطؤ حركة التجارة الخارجية، تواصل الحكومة الضغط من الداخل عبر الضرائب والرسوم. بل حتى الرسوم الاستهلاكية شهدت ارتفاعاً بنسبة 13.8%، ما يعني أن المواطن يدفع فاتورة السياسات الاقتصادية مرتين: عند الشراء، وعند المحاسبة.
ورغم كل الخطابات حول إصلاح ضريبي منتظر، لا يزال المغرب يعتمد بشكل كبير على الضرائب غير المباشرة، في غياب إرادة سياسية حقيقية لفرض ضرائب تصاعدية عادلة تستهدف كبار المالكين وأصحاب الثروات.
فخلف كل مليار درهم إضافي تُحصّله الدولة، هناك آلاف الأسر التي تُضطر للتنازل عن أبسط ضروريات الحياة، وآلاف المقاولات الصغيرة التي تناضل من أجل البقاء، وآلاف الشباب الذين يفقدون الثقة في مستقبلهم.
السؤال الذي لا يزال معلقاً: هل نعيش طفرة ضريبية فعلاً، أم مجرّد طفرة في المعاناة؟
تعليقات