طوجني يحذر عبر “مغرب تايمز”: قانون المسطرة يقوّض مكافحة الفساد ويفرض الترافع الدولي

رغم الانتقادات الحقوقية والتحفظات الصادرة عن مؤسسات دستورية، صادق البرلمان المغربي يوم الثلاثاء 22 يوليو 2025 على مشروع قانون المسطرة الجنائية، رافضاً جميع التعديلات المقترحة من المعارضة، والتي بلغ عددها 1348 تعديلًا.
هذا التطور التشريعي أثار موجة من القلق في الأوساط الحقوقية، وعلى رأسها الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة “ترانسبرانسي”، حيث عبّر رئيسها سعد طوجي، في تصريح لـ”مغرب تايمز”، عن قلقه العميق بمضامين بعض مواد النص، وخصوصاً المادة 3 التي وصفها بـ”الأخطر” من المادة 7 المرتبطة بالمجتمع المدني، لأنها تُقيّد صلاحيات وكلاء الملك في ملاحقة قضايا نهب المال العام.
وأشار طوجني إلى أن هذه المادة تمنح استثناءات قضائية غير مبررة، وتحصر المتابعة في يد عدد محدود من المؤسسات، بما في ذلك الوكيل العام لمحكمة النقض الذي لا يمكنه التحرك إلا بناءً على إحالة رسمية. واعتبر أن هذا التوجه يتناقض مع أي إرادة جدية لمحاربة الفساد، موضحاً أن التبريرات المقدمة لا ترقى إلى مستوى دولة تطمح إلى إرساء قضاء نزيه وشفاف.
ويزيد من تعقيد الوضع أن مؤسسات مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان وهيئة الوقاية من الرشوة أبدت ملاحظاتها بشأن المشروع، لكن دون أن تلقى آراءها أي تجاوب فعلي. وعلّق الطاوجي قائلاً: “ما جرى يعكس أزمة عميقة في التشريع، حيث تم تمرير القانون بالأغلبية العددية دون فتح نقاش جاد مع المجتمع المدني أو القوى السياسية”.
أما من حيث التفاعل الرسمي، فقد أوضح رئيس “ترانسبرانسي” أن وزير العدل عبد اللطيف وهبي تجاهل جميع الدعوات للحوار، رغم المراسلات التي وُجّهت إليه من جهات مختلفة. وأضاف: “رفض الوزير لأي تواصل يطرح علامات استفهام حول كيفية إعداد القوانين في ظل غياب الشفافية والنقاش المؤسس”.
وبعد استنفاد كل الوسائل المتاحة داخل الوطن، تعتزم الجمعية اللجوء إلى الهيئات الدولية، محذرة من تداعيات المصادقة على المشروع على صورة المغرب في المؤشرات العالمية لمحاربة الفساد. وأكد طوجني أن الجمعية، التي راهنت طويلاً على الحلول الوطنية، تجد نفسها اليوم مضطرة إلى الترافع أمام المنظمات الأممية، بعدما أُغلقت أمامها كل الأبواب محلياً.
وختم قائلاً: “نحن نؤمن بالعمل من داخل المؤسسات الوطنية، لكن البرلمان، في قراءته الثانية للقانون، حسم الأمر بشكل يُقصي أي نقاش ويُلزمنا بخوض معركة الترافع من خارج الحدود”.
وبينما تروج الحكومة لمشروع القانون باعتباره خطوة نحو تحديث العدالة الجنائية، يرى معارضوه أنه تراجع خطير يهدد التوازن بين السلطات ويُضعف دور المجتمع المدني، في ظرفية تتطلب مزيداً من الانفتاح والديمقراطية.
تعليقات