السدراوي لـ”مغرب تايمز”: تطبيق العقوبات البديلة خطوة نحو عدالة أكثر إنسانية

يدخل القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة حيز التنفيذ في المغرب ابتداءً من فاتح غشت 2025، فاتحاً بذلك صفحة جديدة في تاريخ العدالة الجنائية بالمملكة. ويراهن هذا الإصلاح، الذي طال انتظاره، على تجاوز العقوبات السالبة للحرية في بعض الجرائم، واستبدالها بتدابير تهدف إلى إعادة إدماج المحكوم عليهم في المجتمع.

في حوار خصّ به “مغرب تايمز”, يرى إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، أن الأمر يتعلق بتحول جوهري نحو عدالة أكثر إنسانية وفعالية. ويقول: “نغادر منطق العقاب والإقصاء، ونتبنى منطق الإصلاح والتأهيل. السجن لم يعد الحل الأوحد”.

وحول أبرز التحولات التي سيُحدثها هذا القانون، يوضح السدراوي أن العقوبات البديلة، مثل العمل لفائدة المجتمع، أو الخضوع للعلاج النفسي، أو أداء غرامات مالية، أثبتت عالميًا فعاليتها في تقليص حالات العود، خصوصًا في الجرائم غير العنيفة، مقارنة بالعقوبات السجنية القصيرة.

وعن الخلفية التي أطّرت هذا التوجه، يؤكد المتحدث أن المغرب لا يخرج عن السياق الدولي، بل يستجيب لتوصيات أممية، من بينها قواعد طوكيو لعام 1990، مضيفًا أن “الاكتظاظ المهول في السجون، الذي بلغ 180% من الطاقة الاستيعابية، جعل من هذا الإصلاح ضرورة عاجلة، وليس خيارًا سياسياً فقط”.

وفي ما يتعلق بضمانات نجاح هذه الخطوة، يشير السدراوي إلى أن التنفيذ سيكون تدريجيًا، وفق مقاربة تشاركية تشمل تكوين القضاة، وتفعيل لجان متابعة تضم ممثلين عن وزارة العدل والمجتمع المدني، مع استثناء الجرائم الخطيرة من تطبيق النظام الجديد.

ويختم الحقوقي حديثه بالتأكيد على أن “العقوبات البديلة ليست تساهلًا مع الجريمة، بل استثمار في الأمن المجتمعي، حيث أثبتت الدراسات أن الإدماج السليم للمحكوم عليهم يقلل من معدل الجريمة بنسبة قد تتجاوز 40%”.

ومع انطلاق هذا التحول التشريعي، تبقى التساؤلات قائمة حول قدرة المؤسسات القضائية والإدارية على مواكبة هذا التغيير الجذري، ومدى توفر الإمكانات البشرية واللوجستية لتفعيله على أرض الواقع. فنجاح الإصلاح لا يتوقف على النصوص القانونية وحدها، بل يرتبط أساسًا بفعالية التنفيذ، والصرامة في ضبط تطبيق المعايير، وتوفير المتابعة والتقييم المستمر، حتى لا تتحول العقوبات البديلة من أداة للإصلاح إلى مجرد مخرج تقني لتخفيف الضغط على السجون.

يوسف المالكي