آخر الأخبار

حفاظا على صورة الديمقراطية في المغرب…متى يستقيل وهبي؟

لا تزال قضية الهبة العقارية التي منحها وزير العدل عبد اللطيف وهبي لزوجته والتي كشفتها ما يسمى ب”تسريبات جبروت” تثير الجدل، خصوصًا بعد ظهوره الإعلامي الأخير الذي لم يُبدِ فيه أي قدر من المسؤولية السياسية أو الأخلاقية تجاه الرأي العام.

ففي الوقت الذي تحوم فيه شبهات جدية حول قيمة غير واقعية للعقار الممنوح، اختار الوزير التقليل من حجم القضية والتصرف وكأن الأمر عادي ولا يرقى حتى إلى النقاش.

الوزير وهبي صرّح خلال حوار مع موقع “هسبريس” بأن الفيلا الوحيدة التي يملكها قد وهبها لزوجته التي “لا تشتغل” والتي رافقته طيلة 30 عامًا؛ غير أن تقييم الفيلا، التي تبلغ مساحتها أزيد من 2800 متر مربع، بمليون درهم فقط، أي ما يقارب عُشر قيمتها الحقيقية حسب تقديرات عدد من المتابعين، يُعد في حد ذاته فضيحة قانونية وسياسية تستدعي التحقيق والمساءلة.

في ديمقراطيات راسخة، مجرد إثارة مثل هذه القضايا كافية لدفع المسؤول السياسي إلى تقديم استقالته فورًا، احترامًا للمؤسسات ولقيم الشفافية والثقة العامة؛ أما في المغرب، فبدل أن يفتح الوزير باب المساءلة، اختار الرد بنبرة تبريرية قائلا: “أنا قدرت قيمتها بالثمن اللي بغيت، والضرائب تشوف شغلها”.

هذا التعاطي غير المسؤول يعكس استخفافًا بالرأي العام، ويضرب في العمق صورة المغرب كدولة تسعى إلى تكريس المساءلة وربط المسؤولية بالمحاسبة؛ فحين يُمنح عقار بهذه القيمة الرمزية، وتُدفع رسوم هزيلة لا تعكس الثمن الحقيقي، فإننا أمام إخلال محتمل بقواعد العدالة الضريبية، يستوجب تحركًا جديًا من المؤسسات الرقابية والقضائية.

إن احترام الديمقراطية يمر أولاً من احترام ذكاء المواطنين، وعدم الاستخفاف بالقضايا التي تمس المال العام والثقة في المؤسسات؛ ومن هذا المنطلق، فإن استقالة الوزير، وفتح تحقيق مستقل في الموضوع، لا يُعد استهدافًا سياسيًا، بل واجبًا قانونيًا وأخلاقيًا لحماية صورة البلاد، وتعزيز مصداقية الإصلاح الذي تنشده الدولة.

المقال التالي