الوزير مزور يختزل أسباب هجرة الأدمغة في الرواتب.. ماذا عن مقومات العيش الكريم؟

في تصريح له خلال لقاء احتضنه مقر إقامة السفير الألماني بالرباط، قال وزير الصناعة والتجارة رياض مزور إن المغرب أصبح اليوم في موقع قوة، ينتقل من دولة متلقية للدعم إلى شريك دولي مزود للحلول، خاصة في مجال الهيدروجين الأخضر، مشيرًا إلى أن الكفاءات المغربية المدربة أصبحت تشكل رصيدًا ثمينًا يجب استثماره محليًا.
وتحدث الوزير عن ظاهرة هجرة الأدمغة، موضحًا أن المغرب كان يفقد سنويًا أعدادًا كبيرة من الأطباء والمهندسين نحو أوروبا، قبل أن يعمد إلى مضاعفة عدد الخريجين في هذه التخصصات.
ولفت إلى أن كلفة توظيف مهندس مغربي في بلده لا تتجاوز 1500 يورو، مقارنةً بما يزيد عن 6500 يورو إذا ما تم توظيفه بألمانيا، معتبرًا أن المهندس سيعيش بشكل أفضل في بلده إذا كان الراتب يسمح له بتأسيس أسرة وامتلاك سكن.
في المقابل، يرى مهتمون أن خطاب الوزير يختزل ظاهرة هجرة الكفاءات في الجانب المادي فقط، متناسيًا أن دوافع الهجرة لا ترتبط فقط بالراتب، بل ترتبط أساسًا بجودة الحياة، من حيث التعليم، والصحة، وضمان الحقوق، وسيادة القانون، وكلها عوامل تدفع العديد من الأدمغة إلى مغادرة البلاد بحثًا عن بيئة تضمن لهم العيش الكريم.
ويعتبر هؤلاء أن توفير راتب يكفي لتأمين بيت أو تأسيس أسرة ليس كافيًا لحث الكفاءات على البقاء، ما دامت تعيش في محيط يفتقر للاستقرار المؤسساتي، والمهنية في التسيير، والمساواة في الفرص. فالهجرة في نهاية المطاف ليست خيارًا ماديًا فقط، بل أيضًا هروب من واقع لا يُلبّي طموحاتهم الشخصية والمهنية.
وتُظهر هذه التصريحات الحاجة إلى مقاربة أكثر شمولًا، لا تقتصر على المقارنة بين تكلفة التوظيف، بل تنطلق من ضرورة تحسين شروط العيش، وإعادة بناء الثقة بين الدولة وكفاءاتها، حتى لا يظل المغرب مجرد “مصدر للعقول” لاقتصادات أجنبية تبحث عن حلول خارج حدودها.
تعليقات