آخر الأخبار

الإدريسي لـ”مغرب تايمز”: “بنكيران ذكر بامتياز.. لكنه نقيض الرجولة الحقيقية التي تحترم المجتمع المغربي

أثار عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة الأسبق، موجة واسعة من الاستياء، وذلك خلال لقاء حزبي نظمه الحزب بمدينة أكادير، على خلفية تصريحات وُصفت بأنها مسيئة وتمييزية، خاصة في صفوف النساء والفاعلات الحقوقيات.

فقد صرّح بنكيران قائلاً: “من هاد المنبر كنقول للبنات: سيرو تزوجو، راه لا قرايا غتنفعكم ولا والو”، مضيفاً: “ماتبقاوش تقولو حتى نقراو، حتى نخدمو… ما كاين لا قرايا لا والو، كلشي ممكن ديروه إلا تزوجتو، أما إذا فاتكم الزواج، راه ما غتنفعكم لا قرايا لا خدمة، وغتبقاو بوحدكم بحال البلارج”.

هذا الخطاب الذي اختزل مصير الفتيات في الزواج وقلّل من قيمة التعليم والعمل، قوبل بانتقادات شديدة وُصفت بأنه يعكس “نظرة دونية” للمرأة، وتتناقض مع روح الدستور المغربي ومبادئ العدالة والمساواة.

وفي أول رد رسمي، أعربت مريم جمال الإدريسي، المحامية بهيئة الدار البيضاء وعضو منظمة النساء الاتحاديات، في تصريح لموقع “مغرب تايمز”، عن صدمتها من صدور مثل هذا الكلام عن رئيس حكومة سابق، قائلة:
“من المؤسف أن يصدر تصريح بهذه الحمولة الذكورية والرجعية من شخص تولى مسؤولية قيادة الحكومة في دولة تنص على المساواة في دستورها. الأخطر أن هذا الخطاب لا يمثل فقط رأياً شخصياً، بل يكرّس تمييزاً ممنهجاً ضد النساء، ويضرب في العمق كل المكتسبات التي راكمها المغرب في مجال تمكين المرأة”.

وأضافت الإدريسي: “كيف يمكن التوفيق بين التزامات المغرب الدستورية والدولية، وبين خطاب يُقصي المرأة ويحتقر حقها في التعليم والعمل؟ وصف المرأة بـ’البلارج’ إهانة صريحة، تكشف عن تصور متخلف يعتبر المرأة وسيلة لإشباع الحاجات النفسية والجسدية فقط، وهو ما يتعارض كلياً مع مبادئ حقوق الإنسان.”

وشددت على أن مثل هذا التصور “لا يعكس فقط عقلية قديمة”، بل يشكّل تهديداً صريحاً لمسار بناء مجتمع حديث ومنصف، مضيفة: “إذا كان بنكيران يرغب في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، فهذا مرفوض جملة وتفصيلاً.”

وواصلت قولها: “بل إن هذا النوع من الخطاب قد يُفهم أنه يمثل توجهاً عاماً داخل الحزب، مما يثير تساؤلات جدية حول مدى التزامه بالمبادئ التي ينادي بها. فالدين الإسلامي، في جوهره، لا يتناقض مع تمكين المرأة، بل يُعزز من مكانتها وكرامتها.”

وختمت الإدريسي تصريحها بقولها: “بنكيران لم يُظهر رجولة حقيقية تنسجم مع قيم القوامة القائمة على الاحترام والمساندة، بل عبّر عن رؤية ضيقة تختزل النساء في أدوار تقليدية. وهذا، في رأيي، من أكثر الخطابات انحداراً التي يمكن سماعها في السياق الراهن.”

من جهتها، اعتبرت هيئات نسائية وحقوقية أن مثل هذه التصريحات لا تمس فقط بحقوق النساء، بل تُسيء إلى صورة المغرب على المستوى الدولي، خصوصاً في ظل الجهود الحثيثة التي تبذلها الدولة والمجتمع المدني من أجل تعزيز المشاركة النسائية في مختلف مجالات التنمية.

وفي ختام بياناتها، طالبت هذه الهيئات بتحرك عاجل من المؤسسات الدستورية، وفي مقدمتها المجلس الوطني لحقوق الإنسان ووزارة التضامن، للتنديد بهذا الخطاب. كما دعت إلى مضاعفة برامج دعم الفتيات في التعليم والتمكين الاقتصادي، باعتبار ذلك المدخل الأساس لبناء مجتمع عادل لا يقصي نصفه بسبب التمييز أو الوصاية الثقافية.

المقال التالي