آخر الأخبار

من غزة إلى أحواش.. بنكيران بين خطاب الحزن وممارسة الفرح!

عاد عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إلى واجهة الجدل السياسي من بوابة غير متوقعة، هذه المرة عبر مقطع مصور يوثق لحظات فرحه وهو يرقص على إيقاعات “أحواش” خلال المؤتمر الجهوي للحزب في أكادير. المشهد الاحتفالي جاء مفاجئًا، خاصة بعد أيام قليلة من هجومه الشديد على مهرجان “موازين”، الذي برر رفضه له بـ”الحزن على غزة”.

اللافت أن بنكيران، الذي طالب بـ”الامتناع عن الفرح” في ظل الوضع الفلسطيني، وجد نفسه في قلب احتفالية مليئة بالرقص والغناء، ما أثار سيلًا من التساؤلات حول اتساق مواقفه. فبين خطاب يدعو إلى الزهد والتحفظ، وممارسة تظهر انخراطًا في الأفراح، برزت فجوة أثارت حفيظة المتابعين.

لم تكن الانتقادات الموجهة لبنكيران مجرد رد فعل عابر، بل تحولت إلى نقاش واسع حول مدى مصداقية الخطاب السياسي الديني. فبينما يرفض مهرجانًا دوليًا بحجة “الظرف الإنساني”، يشارك في احتفال حزبي لا يقل بهجة، مما دفع البعض إلى اتهامه بـ”الازدواجية”، بينما رأى آخرون أن السياقين مختلفان.

في خضم هذا الجدل، حاول مؤيدو بنكيران الدفاع عنه بالقول إن “أحواش” جزء من التراث المغربي، بينما اعتبر خصومه أن الموقفين لا يجتمعان إلا تحت مظلة التناقض. يبقى السؤال الأبرز: هل يعكس هذا التباين تعددًا في المرجعيات، أم أنه مجرد رد فعل على سياقات مختلفة؟ الجواب ربما لن يكون سهلاً، لكنه بالتأكيد سيظل موضوع نقاش ساخن في الأيام المقبلة.

من جهة أخرى، يرى مراقبون أن بنكيران، المعروف ببراغماتيته السياسية، ربما أراد من خلال هذه الخطوة إرسال رسائل متعددة: تأكيد انتمائه التراثي، أو حتى تحييد انتقادات توجه إليه بكونه متشددًا. لكن ما تحقق فعليًا هو إضافة فصل جديد إلى سجله المثير للجدل، حيث يختلط السياسي بالاجتماعي والديني في مشهد يصعب تفكيكه ببساطة.

بين رفض “موازين” ورقص “أحواش”، يبدو أن بنكيران يعيد تعريف مفهوم “السياق المقبول” للفرح، وفق معايير قد لا تكون واضحة للجميع. لكن ما لا خلاف عليه هو أن هذه الحادثة أعادت إحياء النقاش حول علاقة السياسي بالاحتفالي، وحدود المزاج العام في تقبل تناقضات القادة.

المقال التالي