سلا…مناظرة وطنية حول الذكاء الاصطناعي وسط اختلالات في الأمن السيبراني

في إطار المناظرة الوطنية حول الذكاء الاصطناعي المنعقدة بمدينة سلا، شدد عدد من الوزراء والمسؤولين على أهمية التكوين كشرط أساسي للاستفادة من إمكانيات الذكاء الاصطناعي. واعتبر المشاركون أن الذكاء الاصطناعي أصبح عاملاً مركزياً في تحقيق التنافسية وتحفيز التنمية المستدامة، داعين إلى مواكبة هذه التحولات من خلال تكوين الموارد البشرية العمومية والخاصة.
محمد سعد برادة، وزير التربية الوطنية، أكد أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسهم في تطوير المنظومة التربوية، مشيراً إلى أنه يحمل إمكانات واعدة لتحسين جودة التعليم، وتكييف المناهج الدراسية مع قدرات المتعلمين، وتعزيز التكوين المستمر للمدرسين، إلى جانب مكافحة الهدر المدرسي والتغيب.
من جهته، رأى يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة والشغل، أن الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير كبير على سوق الشغل من خلال تحسين الأداء داخل المقاولات وربط المهارات بالاحتياجات الاقتصادية. كما شدد على ضرورة مواكبة هذه الثورة الرقمية بإطار قانوني يحفظ التوازن بين التطور والضوابط.
أما ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي، فقد نبهت إلى الترابط القوي بين الذكاء الاصطناعي والطاقة، موضحة أن المغرب يطمح إلى مضاعفة إنتاجه من الطاقة المتجددة، ما يعزز من موقعه كمركز تكنولوجي إقليمي يجمع بين الطاقة النظيفة والكفاءات البشرية.
وفي السياق نفسه، دعا رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، شكيب العلج، إلى تسريع تنزيل الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، مع التركيز على تكوين المهندسين والمواهب الشابة في مجالات البرمجة والتكنولوجيا. واعتبر أن نجاح تجربة مدرسة البرمجة 1337 دليل على قدرة المغرب على إنتاج كفاءات تنافس عالمياً.
غير أن هذه التصريحات التي تطبعها النبرة التفاؤلية لا تخفي الأسئلة الحارقة التي تتردد في أذهان كثير من المتابعين، حول جدوى تنظيم مناظرات وطنية كبرى وصرف ميزانيات ضخمة على فعاليات احتفالية، في حين يعاني المغرب من تأخر واضح في مجال الرقمنة.
فالعديد من المؤسسات العمومية تعرضت لهجمات سيبرانية خطيرة، كان أبرزها الهجوم الذي طال مؤسسة الضمان الاجتماعي، وأسفر عن تسريب بيانات خاصة بالمواطنين، ناهيك عن الهجمات التي طالت وزارة العدل ومؤسسات أخرى دون توضيحات رسمية كافية أو إجراءات صارمة لطمأنة الرأي العام.
وتُطرح علامات استفهام حول أداء وكالة التنمية الرقمية، خاصة بعد تعيين مدير جديد تطاله اتهامات بعدم الكفاءة، في وقت حرج يفترض فيه أن تكون الوكالة قاطرة استراتيجية الرقمنة.
ويبقى السؤال الكبير: كيف يمكن لحكومة لم تنجح حتى الآن في تأمين أنظمتها المعلوماتية الأساسية، أن تقود تحولاً رقمياً شاملاً وتطور استراتيجية فعالة للذكاء الاصطناعي؟ وهل تكفي هذه اللقاءات الرسمية لتغطية التأخر البنيوي الذي تعانيه البلاد في هذا المجال؟
تعليقات