الاشتراكيون يقترحون قانوناً صارماً لمحاربة الإثراء غير المشروع

تقدم الفريق الاشتراكي بمجلس النواب بمقترح قانون شامل يروم إلى تجريم الإثراء غير المشروع، في سياق استراتيجية تشريعية ترمي إلى محاربة الفساد وتعزيز مبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة. ويستند المقترح إلى مسار طويل من الإصلاحات التي انطلقت منذ حكومة التناوب، مرورا بالمقتضيات المتقدمة التي جاء بها دستور 2011، وانتهاء بضرورة سد الفراغ التشريعي الحالي الذي يتيح لمرتكبي هذا النوع من الجرائم الإفلات من العقاب.
ينطلق مقترح القانون من تعريف دقيق للإثراء غير المشروع، باعتباره كل زيادة غير مبررة في الذمة المالية لشخص ملزم بالتصريح بالممتلكات، بشكل لا يتناسب مع دخله المشروع، مع تعذر إثبات مصدر تلك الزيادة. ويشمل أيضا محاولة إخفاء مظاهره، أو الامتناع عن التصريح، أو تقديم معطيات كاذبة، أو التواطؤ مع الغير لإخفاء الأموال والممتلكات الناتجة عنه، كما تمتد أحكامه لتشمل حتى الجمعيات والنقابات والهيئات التي تستفيد من الدعم العمومي.
يعهد المشروع إلى المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية بمهام البحث والتدقيق في التصريحات والشكايات ذات الصلة، ويمنحها صلاحيات واسعة لتتبع مصادر الثروة وفحص الممتلكات، مع ضمان سرية المساطر. كما يحدد شروط الأهلية للقضاة المكلفين بهذه المهام، ويمنح للمتهمين حق إثبات شرعية مصادر ثروتهم.
ويضع القانون نظاما عقابيا صارما، حيث يعاقب بالسجن من سنة إلى خمس سنوات وبغرامات مضاعفة قيمة الأموال المحصلة بطرق غير مشروعة، ويتيح مصادرتها حتى بعد انتقالها إلى ذمم أخرى. كما يخول للقضاء إصدار أحكام بمنع المتهمين من مغادرة التراب الوطني، وحجز ممتلكاتهم، واتخاذ تدابير احترازية لحماية المال العام من التبديد أو التفويت.
يمثل هذا المقترح تشريعا طموحا يسعى إلى تجاوز الحلول الترقيعية والجزئية، وذلك بتنظيم شامل ودقيق لجريمة الإثراء غير المشروع، بما يواكب التجارب الدولية الناجحة، ويضع أسسا متينة لمنظومة قانونية قادرة على محاصرة الفساد المالي داخل المرافق والمؤسسات العمومية، وحماية المال العام، وترسيخ ثقة المواطنين في دولة الحق والقانون.
تعليقات