في سابقة من نوعها.. المجلس الأعلى للسلطة يوحّد هوية المقررات القانونية

في خطوة غير مسبوقة، أطلق المجلس الأعلى للسلطة القضائية مشروعاً طموحاً لتوحيد الهوية البصرية للمقررات القضائية الصادرة عن مختلف محاكم المملكة. القرار يأتي بعد سنوات من التباين الواضح في شكل الوثائق القانونية بين المحاكم، مما كان يؤثر على صورة العدالة المغربية.
كشفت تقارير التفتيش المركزي عن تفاوت كبير في شكل المقررات القضائية، سواء من حيث التصميم أو الخط المستخدم أو حتى ترتيب أجزاء الحكم. هذه الفوضى الشكلية دفعت بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى وضع معايير موحدة تهدف إلى تعزيز المهنية والشفافية في العمل القضائي.
التوجيهات الجديدة تحدد بدقة مكونات الهوية البصرية الموحدة، حيث أصبح من الواجب تضمين شعار المملكة في رأس الصفحة الأولى، يليه عبارة “أصل الحكم المحفوظ بكتابة الضبط بالمحكمة…” ثم جملة “باسم جلالة الملك وطبقاً للقانون”. كما تم تحديد خط “Sakkal Majalla” كخط رسمي لجميع المقررات القضائية.
الأمر لا يقتصر على الجانب الجمالي فقط، بل يشمل أيضاً توحيد هيكلة المقررات القضائية. فقد حددت التعليمات الجديدة وجوب تقسيم كل حكم إلى أربعة أجزاء واضحة: الديباجة، الوقائع، التعليل، ثم النطوق. كما أصبح من الضروري تضمين رقم الملف في أسفل كل صفحة، وذكر أسماء أعضاء الهيئة القضائية في نهاية المقرر.
المجلس الأعلى للسلطة القضائية أكد أن هذه الإجراءات تهدف إلى تعزيز الثقة في المنظومة القضائية، وتمكين المواطنين من التعرف بسهولة على الوثائق القانونية. النماذج الموحدة أصبحت متاحة للتحميل عبر المكتبة القانونية الإلكترونية التابعة للمجلس، مع إمكانية التعديل على بعض البيانات حسب طبيعة كل قضية.
المبادرة الجديدة تلقى ترحيباً واسعاً بين العاملين في الحقل القانوني، الذين يرون فيها خطوة مهمة نحو تحديث القضاء المغربي. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر في التطبيق العملي لهذه التعليمات على مستوى جميع المحاكم الابتدائية عبر المملكة.
في ختام دوريته، طلب المجلس الأعلى للسلطة القضائية من رؤساء المحاكم تعميم هذه التعليمات على جميع القضاة، مع التأكيد على أهمية الالتزام بالمعايير الجديدة. كما حثهم على إرسال أي صعوبات أو اقتراحات لتطوير النظام الجديد، في خطوة تظهر انفتاحاً غير مسبوق على ملاحظات الميدان القضائي.
تعليقات