وزارة المالية تُجهّز سيارات الدولة بأجهزة تتبع “GPS”

في خطوة تستهدف تعزيز الشفافية وترشيد النفقات، أعلنت وزارة الاقتصاد والمالية عن صفقة جديدة لتركيب أجهزة تتبع “GPS” لمراقبة 145 مركبة تابعة لها. المشروع يأتي بعد سنوات من الانتقادات الموجهة لسوء تدبير حظيرة سيارات الدولة، والتي تكبدت خزينتها العامة مبالغ طائلة في الصيانة والمحروقات.
الشركة الفائزة بالمناقصة ستتكلف بتثبيت نظام متكامل يشمل أجهزة التتبع، ووحدات “CAN BUS” التقنية، وبطاقات اتصال لضمان نقل البيانات بشكل آني. كما يتضمن العقد إنشاء منصة مركزية لمراقبة تحركات السيارات على مدار الساعة، مع إمكانية استخراج تقارير تفصيلية عن مساراتها واستهلاكها، في محاولة لوضع حد للتجاوزات التي ظلت لسنوات خارج نطاق الرقابة.
هذه المبادرة ليست الأولى من نوعها، ففي عهد الوزير السابق عزيز رباح، تم التباحث حول مشروع مماثل عبر الشركة الوطنية للنقل واللوجستيك، لكنه بقي حبيس الأدراج. الفارق اليوم يتمثل في تبني وزارة المالية – المسؤولة عن مراقبة المال العام – للملف شخصياً، ما يعطي الانطباع بإرادة سياسية حقيقية لإنهاء هذا الملف الشائك.
التقنية الجديدة ستسمح بجمع بيانات دقيقة عن مسافات السفر، أوقات التشغيل، وحتى سلوكيات القيادة، مما قد يسهم في خفض الفاتورة النفطية التي تثقل كاهل الميزانية. كما أن نظام “CAN BUS” المرفق سيمكن من رصد الأعطال الميكانيكية مبكراً، والحد من إهدار الأموال في عمليات الصيانة غير الضرورية.
رغم هذه الخطوة الإيجابية، يبقى السؤال مطروحاً حول مدى فعالية النظام في ظل غياب آليات رقابية صارمة، وإمكانية تحايل بعض المستفيدين على التقنية الجديدة. التجارب السابقة في قطاعات أخرى أثبتت أن التكنولوجيا وحدها لا تكفي دون إرادة حقيقية في محاربة الفساد والمحسوبية.
ختاماً، تمثل هذه المبادرة انعطافة مهمة في تدبير ممتلكات الدولة، لكن نجاحها الفعلي سيتوقف على مدى جدية متابعة التنفيذ، وشفافية استغلال البيانات، واتخاذ إجراءات رادعة ضد المخالفين. المشروع إذا ما أحسن تطبيقه، قد يوفر للخزينة العامة ملايين الدراهم سنوياً، ويضع أسساً جديدة لثقافة المساءلة في استعمال المال العام.
تعليقات