آخر الأخبار

هجوم على مسجد الهداية يفضح تنامي الكراهية ضد المسلمين في فرنسا

في تصعيد جديد لموجة الكراهية ضد المسلمين في فرنسا، تعرّض مسجد “الهداية” الواقع في مدينة روسيون جنوب شرق البلاد لاعتداء تخريبي وُصف بالعنيف والإسلاموفوبي، ما أعاد إلى الواجهة المخاوف المتزايدة بشأن أمن الجالية المسلمة وتنامي الخطاب المعادي لها في الأوساط الفرنسية.

الهجوم، الذي نفذه أشخاص ملثمون في وقت مبكر من الصباح، استهدف بوابة المسجد حيث تم تحطيم نوافذ المدخل، وقُلب الأثاث الداخلي، كما عُثر على منشورات حائطية تحمل رسائل كراهية لصقت على الجدران، إضافة إلى عدد من المنشورات المشابهة مبعثرة على الأرض. وقد تقدمت الجمعية الدينية المشرفة على المسجد بشكوى رسمية إلى السلطات القضائية، فيما باشرت أجهزة الأمن تحقيقاً موسعاً لتحديد هوية المعتدين.

وتأتي هذه الحادثة لتؤكد منحى تصاعدياً لحوادث الاعتداء على المساجد والمؤسسات الإسلامية في فرنسا، وسط أرقام مقلقة كشفت عنها السلطات الرسمية، حيث تم تسجيل 79 عملاً معادياً للمسلمين في البلاد خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025، أي بزيادة بنسبة 72% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وتشير هذه الأرقام إلى تصاعد في مناخ العداء، تغذيه خطابات سياسية وإعلامية آخذة في التطرف ضد المسلمين داخل المجتمع الفرنسي.

وقد قوبل الاعتداء بإدانة واسعة من قبل الجامع الكبير بباريس، الذي وصفه في بيان رسمي بـ”العمل الإسلاموفوبي البغيض”، مؤكداً تضامنه الكامل مع جمعية المسلمين بروسّيون وساكنة المدينة. كما دعت المؤسسة الدينية السلطات الفرنسية إلى التحرك العاجل لوقف هذه الانتهاكات ومعاقبة الجناة، محذّرة من تداعيات الصمت أو التساهل مع هذا النوع من الجرائم التي تستهدف العيش المشترك والنسيج الاجتماعي الفرنسي.

وتأتي هذه الحادثة بعد واقعة مماثلة في مدينة فيلوربان، حيث تعرّض مسجد “الرحمة” لاعتداء تم خلاله تدنيس المصحف الشريف وإشعال النار فيه، ما أدى إلى موجة غضب واستنكار شديدة داخل فرنسا وخارجها.

في ظل هذه التطورات، تتصاعد الدعوات من المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان لمواجهة هذه الهجمة الممنهجة على المسلمين، التي لم تعد مجرد أعمال فردية معزولة، بل باتت تمثل ظاهرة تهدد مبادئ الجمهورية الفرنسية في التعايش والحرية والمساواة.

ويرى مراقبون أن استمرار هذه الاعتداءات دون إجراءات حازمة قد يُكرّس واقعاً من الخوف والإقصاء، ويقوّض الجهود المبذولة من أجل تعزيز الاندماج والاحترام المتبادل بين مكونات المجتمع الفرنسي، في وقت باتت فيه فرنسا بحاجة ماسّة إلى خطاب عقلاني جامع يتصدى لخطابات الكراهية وينتصر لقيم الدولة المدنية.

المقال التالي