مناطق النفط في الجزائر تغرق في الفقر والتهميش وبوادر انفصال تلوح في الأفق

تشهد مناطق الجنوب الجزائري تصاعدًا في مشاعر التهميش والاحتقان، وسط تحذيرات متزايدة من إمكانية تنامي النزعات الانفصالية، على غرار ما شهدته مناطق مثل جنوب السودان وكاتانغا؛ هذه المؤشرات الخطيرة تأتي في سياق تفاقم الفوارق الاقتصادية والاجتماعية بين الشمال والجنوب، ما يهدد الاستقرار الداخلي ويمتد تأثيره إلى منطقة الساحل المضطربة أصلًا.
ورغم كون ولايات مثل حاسي مسعود وإن صالح وورقلة المصدر الرئيسي لثروات الجزائر النفطية والغازية، فإنها لا تزال تغرق في الفقر والبطالة وغياب الخدمات الأساسية، مما يعمق الإحساس بالظلم ويغذي مشاعر الإقصاء؛ وتشير عدد من التقارير إلى أن العائدات المالية الهائلة الناتجة عن استغلال الثروات الطبيعية تذهب في مجملها إلى المركز، بينما تُترك المجتمعات المحلية دون استثمار أو تطوير.
وقد ساهم ضعف مؤسسات الحكم المحلي، وغياب التمثيل السياسي الفعلي، في تعزيز فجوة الثقة بين السكان والدولة. كما أن السياسات المعتمدة، التي تعتمد على نمط ريعي مركزي، تكرس الفساد وتقصي المناطق المنتجة من دوائر القرار. هذه الأوضاع دفعت العديد من سكان الجنوب إلى التعبير عن غضبهم من خلال احتجاجات متكررة، لا سيما ضد مشاريع استغلال الغاز الصخري التي يُنظر إليها كمصدر تهديد بيئي إضافي، في ظل غياب أي فوائد اقتصادية ملموسة.
وعلى الصعيد الأمني، أدى الفراغ التنموي والسياسي إلى جعل المنطقة أرضًا خصبة لتنامي الشبكات الإجرامية، وتهريب السلاح والبشر، فضلا عن استقطاب الجماعات المتطرفة، مثل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، التي تستغل هشاشة الدولة لتوسيع نفوذها. ويؤكد باحثون أن هذا الوضع لا يشكل خطرًا محليًا فقط، بل يمثل تهديدًا إقليميًا يفاقم أزمات دول الساحل، من خلال تسهيل تسلل الجماعات المسلحة وتدفقات اللاجئين وتهريب الأسلحة.
المفارقة في حالة الجنوب الجزائري، كما يشير التقرير، تكمن في كون منطقة غنية بالموارد تعاني من الفقر المدقع، وهي نتيجة مباشرة لما يُعرف بـ”لعنة الموارد”، حيث تعيق الثروة النفطية، في ظل غياب الشفافية والديمقراطية، أي أفق للتنمية الشاملة والعادلة. وإذا لم تتم معالجة هذه الاختلالات الهيكلية العميقة، فإن مستقبل الجنوب سيظل مرشحًا لمزيد من التوتر والانفجار.
تعليقات