آخر الأخبار

في حضرة الشبهات.. أخنوش يحتضن بودرقة ويحرج القضاء

في مشهد غريب لا يُفهم منه سوى الإصرار على تعقيد البساطة، أصر عزيز أخنوش، رئيس الحكومة وزعيم حزب التجمع الوطني للأحرار، على أن يُجلس بجانبه نائبه الأول في رئاسة جماعة أكادير، مصطفى بودرقة، خلال اللقاء الجهوي الرابع لـ”مسار الإنجازات”، المنظم يوم السبت 21 يونيو 2025 بمدينة أكادير.

مشهد أثار الكثير من علامات التعجب وربما بعض الضحك الصامت، فالناس تساءلت: ما موقع بودرقة من الإعراب الحزبي؟ الرجل لا يشغل أي منصب في المكتب السياسي للحزب، ولا يحمل مسؤولية تنظيمية وطنية داخل “الحمامة”. ورغم ذلك، حظي بمقعد دافئ بجانب رئيس الحكومة نفسه، وكأنما هو الآمر الناهي في دهاليز الأحرار.

وما زاد الطين بلّة، هو إعلان كريم أشنكلي، رئيس مجلس جهة سوس ماسة، بدوره تضامنه العلني مع بودرقة خلال هذا اللقاء، وكأن الرسالة السياسية باتت مكتملة الأركان: الحزب لا يرى في الاتهامات أي خطر، بل ربما يرى فيها شرفًا! فهل تصر قيادات “الأحرار” على التحدي وتبرئة المتهم قبل أن يقول القضاء كلمته؟ وهل نعيش لحظة “صنع البراءة سياسياً”، قبل أن تصدر قضائياً؟

لكن الحكاية لا تقف عند حدود البروتوكول؛ فالضيف المفضل لأخنوش، والذي يبدو أنه أصبح أكثر من مجرد “نائب أول في جماعة أكادير”، يواجه تهمًا ثقيلة تتعلق بالاختلاس والتزوير والنصب. فحسب شكاية مستثمر مغربي مقيم بأوروبا، اتهم بودرقة بالاستيلاء على مشروعه السياحي بمنطقة أكلو، ما دفع النيابة العامة إلى متابعته، وأصدرت المحكمة قرارًا بالحجز على حصته في المشروع (30%)، بل وعلى جميع ممتلكاته.

ورغم هذه الزوابع، يظهر أخنوش وكأنه في مهمة تضامنية أكثر من سياسية، يُرسل من خلالها رسائل “مشفرة” وواضحة في الوقت نفسه: “أنا مع بودرقة، ظالماً أو مظلوماً!”، حتى لو كان ذلك على حساب الذوق العام، واستفزاز مشاعر المواطنين، وربما إحراج القضاء.

في الدول التي تحترم نفسها ومؤسساتها، عندما يُتابع مسؤول سياسي في قضية بهذه الخطورة، يبادر بتجميد مهامه أو تقديم استقالته مؤقتاً، احتراماً للعدالة والرأي العام. أما في مشهدنا هذا، فالعكس تمامًا يحدث: كلما زادت الشبهات، زاد القرب من دائرة الضوء… وكلما اقترب ملف قضائي من النطق بالحكم، اقترب صاحبه من صدر المشهد السياسي!

فهل أصبح الكرسي بجانب رئيس الحكومة في لقاءات الأحرار مخصصًا “للمتهمين الممتازين”؟ أم أن أخنوش يراهن على نظرية “الهروب إلى الأمام” عبر توجيه رسائل دعم لأعمدة حزبه المحليين مهما كانت التهم التي تلاحقهم؟

في النهاية، كما يقول المثل الشعبي المغربي: “ما كاينش دخان بلا نار”… والسؤال الكبير: لماذا يُصر رئيس الحكومة ورفاقه على اللعب بالنار؟

المقال التالي