الحرب الإيرانية الإسرائيلية، التطبيع ومساندة طهران.. بنكيران يوضح مواقفه

في ظل التصعيد العسكري الأخير بين إيران وإسرائيل، وما رافقه من ردود أفعال دولية وتحذيرات من انزلاق المنطقة نحو حرب مفتوحة قد تهدد الأمن والاستقرار العالمي، تزداد التساؤلات حول خلفيات هذا الصراع، وأبعاده السياسية والعقائدية، وانعكاساته على دول المنطقة، من بينها المغرب.
في هذا السياق، أجرى موقع مغرب تايمز حوارًا خاصًا مع عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة الأسبق، للحديث عن قراءته لما يجري في المنطقة، وتفسيره لمواقف القوى الكبرى، وموقف حزبه من إيران في ظل الاتهامات الموجهة لها بالعداء للوحدة الترابية للمغرب، إضافة إلى موقف “البيجيدي” من اتفاقية التطبيع مع إسرائيل، في حال عودته إلى قيادة الحكومة.
الحوار كاملا:
-ما رأيك في الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران؟
بالنسبة لي، نتنياهو وصل إلى نهاية المطاف، وأصبح العالم كله ضده، فبادر بشن معركة ضد إيران لتحسين وضعيته السياسية الداخلية. وقد انفتحت شهيته بعد ما حققه سابقًا من اغتيالات للقيادات وغيرها، واعتقد أنه حقق انتصارًا كبيرًا. كما ظن أن الولايات المتحدة قد تتدخل لمساندته. ما يقوم به نتنياهو في نظري ليس سوى حسابات سياسية للحفاظ على مركزه.
بعد أن تهوّر نتنياهو واستهدف القيادات الإيرانية وبعض المواقع المرتبطة بالمفاعلات النووية، ظن أنه حقق انتصارًا كبيرًا. لكن الرد الإيراني كان حاسمًا وحازمًا، ولم يحقق ما كان يسعى إليه، إذ لم يتمكن حتى الآن من تدمير القدرات النووية الإيرانية. ثم بعد ذلك رفع سقف مطالبه إلى “إسقاط النظام الإيراني”، مع العلم أن الولايات المتحدة لم تتدخل حتى الآن لمساندة الكيان.
نحن الآن أمام تصعيد متزايد يومًا بعد يوم، وقد يصل الأمر إلى حرب كارثية قد تُستخدم فيها الأسلحة النووية، وهو ما يهدد السلم العالمي بطبيعة الحال.
-هل ستؤثر هذه الحرب على المغرب؟
ما يقع الآن ما يزال في بدايته، ولم يتخذ بعد شكله الكامل. وإذا استمرت الحرب، فلن تؤثر فقط على المغرب، بل على الاقتصاد العالمي بأسره. إذا لم يتم وقف إطلاق النار بين الطرفين وتقليص حدة الصراع، ستكون العواقب وخيمة على العالم كله.
-لماذا في نظرك يُسمح لإسرائيل وأمريكا بامتلاك السلاح النووي، بينما يُمنع على إيران؟ هل هذا منطقي؟
كما يقول الشاعر أحمد مطر في قصيدته “عزف على القانون”: “من يملك القانون في أوطاننا هو الذي يملك حق عزفه”. بمعنى أن القانون الدولي، أو القوانين بشكل عام (باستثناء القانون الرباني او الالاهي بطبيعة الحال)، تخضع لتغليب القوة القادرة على التأثير. وما دامت الولايات المتحدة والغرب يساندون إسرائيل ويسيطرون على العالم، فكل ما يقولونه ويفعلونه يمر دون محاسبة.
نعم، إيران تحظى ببعض الدعم من باكستان والصين وروسيا، لكن هذه المساندة ما تزال محتشمة وليست دعمًا حقيقيًا، في حين أن إسرائيل تتمتع بدعم غربي شامل، وهو دعم أكثر جرأة حتى قبل الوصول إلى اشتباك مباشر مع إيران، وهو أمر وارد بطبيعة الحال.
-ما سبب موقف حزب العدالة والتنمية المساند لإيران رغم أن لها مواقف معادية للوحدة الترابية المغربية؟
فيما يتعلق بهذا الموضوع، لا أعتقد أن أحدًا من الذين أثاروا هذه المسألة وخلقوا حولها ضجة، يفهم في الملف الإيراني وعلاقته بالمغرب أكثر مني. لكن هذا موقف فرضته علينا عقيدتنا، لأن إسرائيل دولة غاشمة احتلت أرضًا إسلامية يسكنها شعب مسلم وطردته منها. وفي الوقت نفسه، تواصل قتل إخواننا في غزة والضفة الغربية وفي أماكن أخرى. وفي هذه الحرب مع إيران، تعتبر إسرائيل هي المعتدية.
ففي حربها الأخيرة مع إسرائيل، وُجّه انتقاد لحركة حماس لأنها هي من بدأت الهجوم، وبُني على ذلك سؤال الصحفيين المتكرر: “هل حماس إرهابية لأنها بدأت الهجوم؟”. أما عندما بدأت إسرائيل الهجوم في الحرب مع إيران، وهو أمر أخطر، صار يُقال إن لإسرائيل حق الدفاع عن النفس. ولكن الدفاع عن النفس ضد من؟!
إيران لم تبادر بالهجوم، وكانت دائمًا ترد على الهجمات الإسرائيلية بشكل محتشم، لكن هذه المرة ردت بقوة، ومع ذلك فإن الخسائر في إسرائيل تبقى محدودة جدًا.
نقطة ضعف إسرائيل هي أنها لا تملك طاقة الصبر كما تملكها إيران. فإيران تملك شعبًا وتاريخًا عريقًا، على عكس إسرائيل التي تأسست حديثًا، وشعبها لا يستطيع تحمل الأذى على المدى الطويل.
-في موضوع آخر، إذا نجح حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة وصعد إلى الحكومة، هل سيعيد النظر في اتفاقية التطبيع سعد الدين العثماني؟
هذا الحديث سابق لأوانه. عندما يحين وقت الانتخابات، سيتخذ حزب العدالة والتنمية موقعه بناءً على نتائجها، وعندها سنتحدث عن جميع هذه الملفات.
خالد أفرياض
تعليقات