بين الإصلاح الجاد والتسويق الانتخابي.. هل يتحول إصلاح التقاعد إلى ورقة ترويجية لحكومة أخنوش قبل 2026؟

بعد أربعة أعوام من التأخير، يطفو ملف إصلاح أنظمة التقاعد إلى السطح فجأةً، في توقيتٍ يلفه الغموض مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية لعام 2026. تصريحات وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح علوي خلال جلسة 16 يونيو 2025 البرلمانية، التي أكدت فيها أن العمل “لم يكن متوقفاً”، تتعارض مع واقع تأخر حكومي واضح في معالجة أزمة كانت إشارات التحذير منها واضحة منذ ميثاق أبريل 2022.
تتقاطع في هذا الملف خطوط متناقضة: من جهة، تحذيرات وزارة المالية من إفلاس صناديق التقاعد بحلول 2028، ومن جهة أخرى، مقترحات حكومية مجتزأة تركز على رفع سن التقاعد إلى 65 سنة وتوحيد السقف المعاشي وتجميد الحقوق لعقدٍ من الزمن. هذه الحلول التقنية، كما تكشف مصادر مطّلعة، تكرّر النمط التقليدي للإصلاحات المالية دون جرأة كافية لمعالجة الجوانب الاجتماعية.
“الحكومة تدير الأزمة بدلاً من حلها”، بهذه العبارة يلخص الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي المأزق، مضيفاً أن “تأخير النقاش الجاد إلى ما قبل سنةٍ واحدة من الانتخابات يُفقِد الإصلاح مصداقيته ويحوله لورقة انتخابية”. تحليلٌ تدعمه الأرقام الصادمة: نظامٌ هشّ لا يغطي سوى 46% من القوى العاملة، مع تفاوتات صارخة تصل إلى متوسط معاش لا يتجاوز 2000 درهم شهرياً – رقمٌ يبدو سخريةً في مواجهة غلاء المعيشة.
عقبة أخرى تواجه المقاربة الحكومية الحالية المتمثلة في النظام ثنائي القطب: تفاوتاتٌ هيكلية بين الأنظمة القائمة تجعل الدمج مستحيلاً دون تضحيات جسيمة. هذا الواقع يزيد من مخاوف تحوّل الإصلاح إلى عملية شكلية تتهرب من الملفات الشائكة.
في الخلفية، يلوح سيناريو مقلق: تسويق إصلاح سريع كإنجاز انتخابي، مع تأجيل القرارات الصعبة لما بعد 2026. استراتيجيةٌ تخاطر بتحويل الأزمة إلى كارثة، حيث تثبت التجارب أن الحلول التقنية الجزئية لا تكفي لإنقاذ نظامٍ يعاني اختلالاتٍ بنيوية، تاركاً أسئلة العدالة الاجتماعية وحماية الحقوق بلا أجوبة شافية.
تعليقات