آخر الأخبار

الحياة اليومية” أمام القضاء: غرامات مالية وتهمة بـ”إسكات الصحافة” في المغرب

في تطور يسلط الضوء على التحديات التي تواجه حرية الإعلام بالمغرب، قضت المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء، يوم الثلاثاء 17 يونيو 2025، بتغريم جريدة “الحياة اليومية” ومديرة نشرها الصحافية لبنى الفلاح مبالغ طائلة تجاوزت 880 ألف درهم كتعويضات، بالإضافة إلى غرامة مالية قدرها 40 ألف درهم، وذلك في قضية رفعتها الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة ومديرها العام وموظف تابع لها.

رفضت إدارة الجريدة الحكم بشدة، ووصفته بـ”المحاولة اليائسة لإسكات صوتها المستقل”، مؤكدة أن المحكمة غير مختصة بالنظر في القضية وفقًا للمادة 94 من قانون الصحافة والنشر رقم 88.13، التي تحدد الاختصاص القضائي بناءً على مقر الجريدة، الواقع خارج نطاق الدار البيضاء. كما أشارت إلى أن المقالات المتابَعَة لم تذكر اسم الموظف المعني، وأن تفاصيل راتبه لم تُكشف إلا بعد تقديم الشكاية، معتبرة أن الإدانة تستند إلى معطيات “لم تُنشر أصلاً”، وهو ما يراه مراقبون انتهاكًا لمبدأ المحاكمة العادلة.

التُهم الموجهة للجريدة لم تأتِ في فراغ، بل تتزامن مع تحذيرات سابقة لمنظمات حقوقية، أبرزها لجنة حماية الصحافيين، التي نبهت إلى ما وصفته بـ”الاستهداف القضائي والإعلامي المتكرر” للصحافية الفلاح. وأعربت اللجنة عن مخاوفها من أن القضية تندرج ضمن “سياق أوسع من المضايقات التي تهدد عمل الصحافيين”، داعية إلى وقف “المتابعات ذات الخلفيات السياسية التي تحوّل القضاء إلى أداة للضغط على الإعلام”.

المشهد لا يخلو من تساؤلات حول حدود حرية التعبير في المغرب، خاصة مع تكرر قضايا مشابهة ضد صحافيين ونشطاء. فبينما تؤكد السلطات التزامها بحماية الحقوق الدستورية، تتصاعد انتقادات المنظمات المحلية والدولية التي ترى في مثل هذه الأحكام “إجراءات تقييدية” تُضعف الثقة في استقلالية القضاء وتوازن العمل الصحفي.

القضية، التي أثارت جدلًا واسعًا، تفتح الباب أمام نقاش أعمق حول التوازن بين حرية الصحافة والحدود القانونية، في وقت يُنظر إليه كاختبار حقيقي لمدى التزام المغرب بالمعايير الدولية في مجال الحريات الإعلامية. والسؤال الأبرز الآن: هل يُعتبر الحكم خطوة نحو “تنظيم” العمل الصحفي، أم أنه إشارة مقلقة لتضييق الخناق على الأصوات الناقدة؟

المقال التالي