عجز الميزانية يقفز لـ45 مليار.. والوزيرة “فتاح” تخصص ملياري لكراء سيارات حكومية

في تناقض صارخ مع سياسة التقشف المعلنة، أطلقت وزارة الاقتصاد والمالية المغربية صفقة كراء سيارات حكومية بقيمة 18.47 مليون درهم، في وقت تسجل فيه الميزانية العامة عجزاً يقدر بـ45 مليار درهم حسب آخر بيانات وزارة المالية. وتأتي هذه الخطوة بينما تعاني قطاعات صحية وتعليمية من نقص حاد في التمويل، حيث تشير تقارير رسمية إلى أن 70% من المستشفيات العمومية تعاني من نقص في المعدات الأساسية.
كشفت وثائق رسمية أن الصفقة التي ستنفذ عبر طلب عروض دولي تشمل ثلاث فئات من المركبات: سيارات تقليدية (5.04 مليون درهم)، هجينة (11.7 مليون درهم)، وكهربائية (1.73 مليون درهم). وتثير الصفقة تساؤلات حول جدواها الاقتصادية، خاصة أن نظام الكراء طويل الأمد دون خيار التمليك يعني أن الخزينة العامة ستدفع هذه الملايين دون أن تصبح مالكاً للسيارات في النهاية.
هذا القرار يصدر في توقيت بالغ الحساسية، حيث أعلنت الحكومة عن خطة تقشفية تشمل تجميد التوظيف في القطاع العام ومراجعة برامج الدعم الاجتماعي. وتظهر معطيات المندوبية السامية للتخطيط أن 1.7 مليون أسرة مغربية تعيش تحت خط الفقر، بينما تتجه الحكومة لخفض ميزانية الدعم الاجتماعي بنسبة 15% في مشروع قانون المالية 2026.
المفارقة الأكثر إثارة أن وزيرة الاقتصاد نادية فتاح كانت قد أعلنت قبل أسابيع قليلة عن إجراءات صارمة لتقييد استخدام السيارات الحكومية، بما في ذلك نظام مراقبة صارم لرحلات المهمات. كما أكدت في تصريحات برلمانية على ضرورة “ترشيد الإنفاق على الوقود والصيانة”، في حين أن تكلفة الصفقة الحالية تكفي لتمويل 120 حافلة نقل مدرسي أو تجهيز 30 مستوصفاً طبياً.
في ظل هذه التناقضات، يطرح خبراء الاقتصاد تساؤلات حول معايير أولوية الإنفاق الحكومي، خاصة أن قيمة هذه الصفقة تعادل 40% من الميزانية السنوية لوزارة الصحة لشراء المعدات الطبية. فهل يعقل أن تكون سيارات الحكومة أولوية في وقت يعاني فيه المواطنون من إرتفاع الأسعار وتدهور الخدمات الأساسية؟ السؤال الذي ينتظر إجابة من صناع القرار.
تعليقات